چکیده:
ثمة إشکال عقلی علی الشفاعة هو أنها تشبه الوساطة الدینویة ، ولکن الأشکال یتضح حین
نعرف أقسام الشفاعة : شفاعة العمل ، شفاعة الله الابتدائیة ، والشفاعة المرکوزة
والشفاعة لا تنافی العقل ، ولا الشرع ، وثمة أیات نافیة للشفاعة وأخری مثبتة لها ،
ویمکن الجمع بینها بأن المثبتة تنفی الشفاعة الاستقلالیة عما سوی الله.
خلاصه ماشینی:
"وهذان القسمان من الشفاعة لا یرد علیهما الإشکال المتقدم ، لأن شفاعة العمل تعنی قبوله من الله عزوجل ومن ثم تقلیل العذاب عن صاحبه بالمغفرة ، وإن شفاعة الله الابتدائیة ما هی إلا إیصال الرحمة والمغفرة إلی العباد من غیر طلب ، تحننا منه تعالی وکرما ، ومثل هذه الشفاعة کمثل إیصال الماء والغذاء لعباده فی هذه الدنیا ، ولکن هذین النوعین من الشفاعة هما أمر صوری وشکلی فهو نوع إجلال واحترام ظاهری للشفاع ، لأن الشافع إذا کان یشفع بالعمل فلیس له دور حقیقی فی العفو والمغفرة ، وإنما الدور الحقیقی للعمل ، وإذا کان الشافع وهو الولی أو النبی ـ بما أن الله جعل رحمته قد سبقت غضبه ، وقد جاءت عن طریقهم ـ فحینئذ یکون دور الشفیع کدور الدواء الذی یؤثر فی انبساط الصحة والسلامة علی العباد ، وکدور الجبل الذی تصطدم به الریاح الصاعدة الحارة لتلتقی بالریاح الباردة لیتکون المطر ، أو کدور الشمس فی تبخیر میاه البحار والمحیطات لتتدخل فی عملیة نزول المطر أیضا .
ثم إنه قد یدفع أصل الإشکال العقلی علی الشفاعة بما یذکر فی حل مشکلة العقاب حیث یقال : إن عمل المذنب یکون فیه اقتضاء تکوینی للعقاب ـ ولیس هو علة مستقلة للعقاب ـ وهذا الاقتضاء قد یوجد مانع فی تأثیره ، ألا وهو شفاعة الشافعین من الأولیاء والصالحین ـ بناء علی أساس مالهم من قرب عند الله تعالی فی أعمالهم الخیرة التی یحسن تلبیة طلبهم کجزاء وثواب علی أعمالهم الصالحة ، وعلی أساس الحق الذی للمشفوع له علی الشفیع من إهداء ثواب أعماله الحسنة له ، وعلی أساس أن العفو عن هذا الذنب لیس قبیحا ، بل کان المفروض عدم الداعی إلی العفو عنه، فإذا جاءت الشفاعة ، فهی من الدواعی للعفو عنه ـ أما إذا لم یوجد مانع من تأثیر الاقتضاء للعقاب ، فإن یؤثر أثره حیث أن الله تعالی أو عد عبیده بالعذاب تربیة لهم وإیفاء بوعدیه ، وحینئذ تکون أخبار الشفاعة وقبول الشفیع أن یشفع للعاصین وقبول الله تلک الشفاعة هی بمنزلة المانع من تأثیر المقتضی التکوینی للعقاب ، وإلا فإن المقتضی یؤثر أثره فی عقاب العاصین."