چکیده:
کان الغرب دائما یناصب العداء للاسلام والمسلمین، وقمع بشدة کل تعاطف مع العالم
الاسلامی فی بلاده، ووراء هذا العداء غرور مفرط موروث عن الرومانیین والیونانیین.
وفی أوربا جهل عن الاسلام ممزوج بخوف أساطیری، وکان ذلک وراء الحروب الصلیبیة
القدیمة والحدیثة. ویأتی التبشیر والاستشراق لیخوضا میدان التربیة والثقافة بین
المسلمین فأوجدا داخل المجتمع الاسلامی صراعات حادة أدت الی تبدید طاقاته ودفعه
الی الضعف والتبعیة. وتأتی عملیات التشویه لزلزلة إیمان الامة وللتشکیک بتراثها
وهویتها، ضمن عملیة غزو ثقافی مدروس یستهدف تحطیم قوة التماسک التی یمتلکها
الاسلام. من هنا لابد من اتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة هذه التحدیات الشرسة،
وعلی رأسها التوعیة الثقافیة والعمل التربوی.
خلاصه ماشینی:
"ولئن تعامل الغرب ـ فی البدایة ـ مع الإسلام والمسلمین بشیء من الحذر، فانه قد تجاوز هذه الحالة إلی ماهو أشد فیما بعد، فعندما وصل المسلمون إلی أبواب أوربا وانفتحوا علیها دینا وحضارة، قابلهم الاوربیون بالخوف والرعب المشوبین بالحذر والرغبة فی الصد والمقاومة، خاصة بعدما أملت علیهم الکنیسة الرؤیة الضبابیة باعتبار هؤلاء ما هم الا محتلون وتوسعیون ومتوحشون وأعداء للمسیح فی الوقت الذی شرعت الکنیسة لنفسها سیاسة وحیدة الجانب تقوم علی مواجهة «الخطر» الإسلامی، والعمل علی إعادة الأمور إلی نصابها التی کانت علیه قبل ظهور الإسلام.
إذ إن مع حلول النصف الثانی من القرن الثالث عشر کان الموقف بین أوربا والإسلام قد بلغ درجة عالیة من التعقید وتباین وجهات النظر بین أصحاب القرار السیاسی من الغربیین واللاهوتیین، وظهور أسباب جدیدة للقلق کتزاید غیر المسیحیین فی أوربا عددا وعدة، ودخول المغول علی مسرح التاریخ بما یحملونه من نزعة تخریبیة مما دفع بعض اللاهوتیین إلی البحث فی إمکان استخدام هؤلاء کأداة لضرب الإسلام عن طریق اتباع سیاسیة ذکیة فی التعامل معهم وفهم أهدافهم الحیویة.
فی هذا الصدد یقول الدکتور الدسوقی: لقد نشب الصراع الفکری بین طائفة من المسلمین وبعض المستشرقین، وقد ظهرت کتابات منذ نحو قرن تحذر مما یخططه الاحتلال بواسطة التبشیر وإن جاءت فیصورة ردود علی هؤلاء المستشرقین الذین حاولوا النیل من الإسلام وثقافته وصلاحیته الدائمة للتطبیق، ولکن هذا الصراع وإن نبه إلی الخطر لم یحل دون بلوغ الغایة التی فی میادین التربیة والثقافة، فقد تخرجت أجیال فی ظل نظام تربوی له فلسفته المادیة لا تلتقی مع فلسفة التربیة الإسلامیة، ونجم عن هذا ظهور ما یسمی بالثنائیة الفکریة وما تمخض عنها من تمزق ثقافی أتاح الفرصة لکل الاتجاهات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة الوافدة والداخلیة أن تجد لها أنصارا یؤمنون بها ویدافعون عنها مما ضاعف من حدة الصراع بین التیارات المتناقضة فی المجتمع الإسلامی وتبدید طاقاته فیما لایعود علیه إلا بمزید من الضعف والتبعیة(45)."