خلاصه ماشینی:
"یقول الرسول(ص):«من جعل قاضیا بین الناس فقد ذبح بغیر سکین» و قال(ص):«القضاة ثلاثة:قاضیان فی النار،و قاض فی الجنة قاض قضی بالحق فهو فی الجنة،و قاض قضی بالهوی فهو فی النار،و قاض قضی بغیر علم فهو فی النار»و کان الامام علی(ع)یقول لشریح:«یا شریح،قد جلست مجلسا لا یجلسه إلا نبی،أو وصی نبی،أو شقی!»و قال الامام الصادق(ع):«من حکم فی درهمین بغیر ما أنزل الله عز و جل فهو کافر» و تتضح المبانی العملةی الأخلاقیة فی هذا الباب فی حرص الشارع الاسلامی علی توفر مستلزمات العلم فیمن یتولی الفتیا و القضاء،و هی قضیة بمقدار مالها من أبعاد و مضامین شرعیة،فهی فی الوقت نفسه تکشف عن الاهتمام العملی بالاتجاه الأخلاقی الذی یحرص علی توفیر الأرضیة الصالحة للفتیا و القضاء.
ثم الاستعراض الافقی لمعاملات الناس،و طریقه المعایشة مع الآخرین،و مراقبة التصرافت العامة و الخاصة،مما یتیح لمشروع الأخلاق الاسلامی أن یجد له میدانا وسیعا و ملیئا بالمثل و القدرات،مثلما هو ملیء بالالطاف الإلهیة و الرعایة الربانیة و القیادة الرشیدة التی لا تنطق عن هوی مسیرة الحیاة و ترعاها لا علی انها أوامر فقط و إنما علی انها تصحیح و بناء و رحمة و تسدید و دعوة للمراجعة للنفس و الخواطر و الأعمال و الأفعال و خطوات العمل فی کل حقل من الحقول،و هی بهذا تکون رحلة ماتعة فی عالم البناء الداخلی للعقل و النفس و الروح،حاولنا التقاط و مضات منها من خلال تیارها المبارک،و هو ینحذر من النبع الأول الذی وهبته السماء عظمة فی الخلق و الخلقة،ذلک هو الرسول الأمین الذی وصفه الباری عز و جل بأنه علی خلق عظیم،ثم إلی الشلالات المنحدرة من ذلک النبع،حیث السواقی الاثنتا عشرة من أئمة أهل البیت(ع)،ثم الرذاذ الخیر الذی تناثر من أمواج تالک السواقی فکانت الطاقات العلمائیة المبارکة التی رددت صدی السواقی و نبعها الأصیل بمعرفة و اتزان و عقل مستوعب فکانت مفردات الفقه،اطروحة للحیاة،و ینوبعا للأخلاق،لم نرد إلا التنبیه إلیه و الاغتراف من فیوضاته،ثم التوجه للعالم و للبشریة التی هی صاحبه الحاجة الحقیقة لمثل تلک المبانی و الالطاف العلویة بغلة عصریة تقرب هذه البضاعة المزجاة إلی عقول الناس و قلوبهم حتی تصبح جزء منهم و إلهیم لا تقف الحواجز و الحجب عائقا بینها و بینهم،و لا ندعی اننا أدینا ذلک کما هو حقه و لکننا قدحنا زنادا فی معترک الظلمة الثقافیة التی تلف العالم الیوم من جراء الاستلاب الثقافی الذی یغزو البشریة."