خلاصه ماشینی:
"و قلنا إن الطریق إلی الذات«المقدسة»مسدود لکن الصفات و الأسماء الحسنی یستطیع الإنسان «الخلیفة»أن یتخلق بها و یتسم بـ«بسم الله الرحمن الرحیم»و یصطبغ بها«و من أحسن من الله صبغة»و هی صبغة النبی محمد و آله الطیبین الطاهرین(ع)باعتبارهم من الربانیین الحقیقیین،و عند ذلک یکون«العبد الموالی» لهم متقربا إلی الله بـ«النوافل»بعد «الفرائض»،و یکون سمعه و بصره و یده و سائر وجوده إلهیا،فیقول«للشیء کن فیکون»و یکون لله مثلا-بالتحریک لا بالتسکین-کما ورد مضمون الحدیث القدسی،و الهدف من وراء کل العبادات التقرب إلیه(تعالی)بهذا المعنی،و الوصول إلی العرفان المقصود:«من عرفنی طلبنی و من طلبنی وجدنی،و من وجدنی عشقنی، و من عشقنی عشقته،و من عشقته قتلته،و من قتلته فعلی دیته،و من کانت علی دیته،فأنا دیته»و ما أروع الفناء فی سبیل الحبیب و ما أحلی الاستشهاد فی«الفتح القریب».
و هذا اللون من العشق الإلهی و التعبیر العرفانی لا یعرفه إلا العارفون العاشقون: «لا یعرف الشوق إلا من یکا بده و لا الصبابة إلا من یعانیها» و إن التجارب العرفانیة من الرفعة و السعة بمکان حیث یضطر العارفون إلی استعمال الرمز و الأداء الرمزی،من أجل البوح بشیء منها و بعضهم قد یفضل الصمت و الخلسة، و لکن البعض قد یفضحه الحب فیصرح: لأهتکن علی الهوی حجب الحیا إن المحبة بالفضیحة أجمل و بعضهم یحاول الکتمان فلا یستطیع: باد هواک صبرت أو لم تصبرا و هواک إن لم یجرد معک أوجرا و یلوذون غالبا بالتعابیر المجازیة و عندهم: «المجاز قنطرة الحقیقة»و اذا ما استخدموا بعض الرموز و الذکریات الخاصة عن الدیار و الأسماء العشقیة،و صفات الحبیب، و ملامح الجمال الظاهری فی المرأة،أو ذکر الکأس،و الشراب و ما إلی ذلک،فالمقصود الإشارة إلی تلکم«المعاناة»العرفانیة،و لا شک أن الشراب لیس شرابا دنیویا،بل کما ذکر فی القرآن الکریم: «شرابا طهورا» و هو علی ثلاث مراحل بالنسبة للساقی و الشارب و الشراب،فالأولی: «عینا یشرب بها عباد الله یفجرونها تفجیرا» و الثانیة: «یسقون من کأس کان مزاجها زنجبیلا» و الثالثة: «و سقاهم ربهم شرابا طهورا» فیکون الساقی الرب و هو الحبیب!!"