خلاصه ماشینی:
"والمشکلة نفسها یمکن ملاحظتها فی العدالة التعویضیة أیضا، وذلک فی کیفیة إمکان اعتماد التساوی بین الأشیاء عند التبادل، فما هی الآلیة التی یناط بها تحدید التساوی لیمکن القیام بالمبادلات بصورة عادلة؟ هیکلیة نظام السوق من وجهة نظر فون هایک لقد منح النقاد الفرنسیون ممن تأثر بدیکارت، العقل قدرة لا حد لـها، بحیث کانوا یتصورون أن بإمکان العقل تعیین کل عمل جزئی، خلافا لما علیه دافید هیوم([xxi])الذی رفض هذا التصور عن العقل، فهو یعتقد بأن العقل مؤطر بحدود لابد منها، ولا یتسنی للعقل أن یکون ذا فاعلیة أکبر ما لم تدرک هذه الحدود([xxii]).
إلا أن الآلیة هذه لا یمکنها البت بأن من یمتلکون القدرات والقابلیات بمقدار أکبر باستطاعتهم أن یوجهوا حرکة البضائع والخدمات وفقا لقواعد المنافسة نحو نقطة بحیث یمکن الحصول علی المستوی الأعلی من الربح الممکن، هذا من جهة، وعدم إمکان وجود مبرر اقتصادی للآخرین للقیام بإنتاجها من جهة ثانیة لیتدخلوا فی مجال الإنتاج، ویظهر الاحتکار من قبل قطب أو أقطاب لعرض هذه البضاعة أو الخدمة بصورة طبیعیة، وهکذا یمکن أن تتعرض رغبة المجتمع فی جانب الطلب إلی هجوم الدعایة المکثفة، مما یحول دون وجود ضمان فی نظام القیمة علی استمرار المنافسة والحریة الاقتصادیة فی العلاقات الاقتصادیة للمجتمع بل أثبتت تحولات الظواهر الاجتماعیة الاقتصادیة للمجتمعات المختلفة هذه الحقیقة، وهی أن المنافسة الاقتصادیة یمکنها أن تتحول کحرکة فی الواقع إلی احتکارات فی جانب العرض والطلب فی مراحل لاحقة وذلک من خلال رعایة القوانین الثابتة، مما تؤدی إلی القضاء علی المنافسة الحقیقیة، کما یمکن لعنصر الحریة الاقتصادیة علی طول الخط القضاء علی الحریة الاقتصادیة الحقیقیة دون أن یبقی الظروف والأرضیة الواقعیة للآخرین الذین هم خارج دائرة الاحتکارات."