خلاصه ماشینی:
"و إذا کانت المهمة العبادیة للشخصیة الإسلامیة هی توصیل مبادئ الإسلام إلی الآخرین،حینئذ فإن الأداة التی یعتمد علیها ینبغی أن تتجانس مع لغة عصره حتی تترک تأثیرها المطلوب،و لا أدل علی ذلک من أن القرآن الکریم نفسه قد نزل بلغة تتوافق مع المعاییر البلاغیة التی خبرها عصر النزول.
حینئذ هل یصح أن نعتمد علی هذه المعاییر المنحرفة عن القرآن و بلاغته فی حقل البلاغة القدیمة؟ إن هذه العیوب و نظائرها تشکل مسوغا لإعادة النظر فی البلاغة الموروثة و محاولة صیاغتها من جدید،فی ضوء النصوص الشرعیة بصفتها نصوصا إعجازیة«القرآن الکریم»و کمالیة«السنة»تخطت حدود الزمن من جانب،و تضمنت المشترک من القواعد من جانب آخر،و هو أمر قد اضطلع الکتاب الجدید«البلاغة الجدیدة فی ضوء المنهج الإسلامی»بصیاغته وفق«تمهید»و«فصول»تنتظم فیها القواعد المشار إلیها.
و أما العنصر البنائی فیقصد به کل ما یتناول عمارة النص من حیث صلة أجزائه بعضها مع البض الآخر،کالبدایة و الوسط و النهایة،و صلة کل عبارة بما تقدمها و تأخر عنها،و صلة الموضوعات بعضها مع الآخر،ثم صلة العناصر:کالصورة و الإیقاع و نحوهما مع بعضها أو مع الهیکل العام للنص الادبی،حیث سبق القول بأن هذا العنصر یعد من أهم المبادئ البلاغیة التی أهملتها البلاغة القدیمة،و رکزت البلاغة المعاصرة علیها.
و فی ضوء هذا التصنیف الجدید للقواعد البلاغیة یمکننا أن نتبین مدی الفارق بین البلاغة القدیمة و بین البلاغة الجدیدة:فالبلاغة القدیمة لا تتناول من عناصر النص الأدبی إلا عنصرین رئیسیین هما«العنصر المعنوی»و«العنصر الصوری»حیث أطلقت علیهما مصطلحی«المعانی»و«البیان»،بینما أهملت العناصر«الفکریة»و«الموضوعیة» و«الشکلیة»و«البنائیة»،و جعلت«العنصر الإیقاعی»جزءا مما أطلقت علیه مصطلح «البدیع»،و حیث حشدت فیه خلیطا مشوشا من العناصر الصوریة و الإیقاعیة و المعنویة،و جعلتها مجرد أدوات لتزیین النص الأدبی،مع أن هذه العناصر لها استقلالیتها و أهمیتها بالنحو الذی سیتضح تماما عندما یدقق القارئ فی التصنیف الجدید للقواعد البلاغیة التی توفر علیها کتاب«البلاغة الجدیدة فی ضوء المنهج الإسلامی»."