خلاصه ماشینی:
"و کذلک لم یختلف أحد من علماء المذاهب فی أن الاستطاعة موضوع لوجوب الحج، لوضوح دلیله و هو قوله تعالی: «و لله علی الناس حج البیت من استطاع الیه سبیلا،و من کفر فان الله غنی عن العالمین» 2و انما وقع الخلاف بینهم فی أن المراد منها هل هو الاستطاعة العقلیة أو الشرعیة أو العرفیة،و ذلک لعدم التصریح فی الآیة بأحدها،فمنهم من یعتقد بأن المراد منها هو العقلیة،و هو ما ذهب الیه مالک بن انس الاصبحی امام مذهب المالکیة،لاعتقاده بأنه المستفاد من ظاهر الآیة، و لزوم حمل الاخبار الواردة فی تفسیرها بالزاد و الراحلة و تخلیة السرب،علی ما اذا لم یتمکن من الحج بدونها.
إن أئمة المذاهب اتفقوا علی اعتبار قیاس الاولویة و منصوص العلة،و إنما وقع الخلاف بینهم فی نوع خاص من القیاس،و هو قیاس التمثیل و التشبیة،و الحنفیة و النخعیة-مذهب ابن أبی لیلی-یعتبرون ذلک من مصادر التشریع،و لکن فقهاء الامامیة و الظاهریة و الثوریة و الاوزاعیة، لا یعتبرونه من مصادره.
اذ الفقهاء،و إن اعتقدوا بان کتاب الله هو المصدر الاول و سنة رسول الله هی المصدر الثانی للاستنباط،و لکن من جهة اختلافهم فی أفهامهم و فی قواعدهم النظریة،و اختلاف أهل اللغة فی بعض الکلمات الواردة فی هذین المصدرین،و اختلاف القراء فی قراءة بعض الکلمات فی المصدر الاول، و اختلاف الرواة فی نقل الروایات و تعارضها، و فی اعتبار روایة عند فقیه و عدم اعتبارها عند الاخر و فی وثوق مجتهد براو و عدم الوثوق به عند مجتهد آخر فی المصدر الثانی،هذه الامور صارت موجبا للاختلاف بین الفقهاء فی المسائل النظریة،و هذا الاختلاف فی نفسه لیس خطرا علی الأمة."