خلاصه ماشینی:
"ثانیا ـ الإبداع والنقد العلمی فی المدرسة الشیعیة : تتمیز الحوزات العلمیة الشیعیة بنشاط علمی حر ، فهی لا تقف عند حدود النظریة والفکرة التی تصلها من الماضی ، وتأخذ بها علی أنـها مسلمة غیر قابلة للنقاش ؛ إنما تخضع نتائج الدراسات والآراء الإجتهادیة التی توصل إلیها العلماء السابقون إلی بحث متجدد ، ونقد مستمر من قبل أجیال العلماء اللاحقین .
وقد کان أساتذة الحوزة فی تلک الفترة یتمتعون بقدرات علمیة عالیة ، بحیث أن بروز أحدهم وتمیزه علی غیره لا یکون إلا من خلال امتلاکه قدرات علمیة نادرة ، وعلی هذا فإن تفرد الشیخ الأنصاری وتقدمه علی معاصریه یشیر بوضوح إلی سمو منزلته العلمیة ، حیث إن استاذه الشیخ محمد حسن ( صاحب الجواهر ) أوصی بالمرجعیة إلیه ، وهی بادرة لم تکن مألوفة فی الحیاة الشیعیة .
ثانیا ـ جذور النزاع الاصولی الأخباری : نشأ الشیخ الأنصاری فی الفترة التی شهدت انحسار الإتجاه الأخباری بعد نزاع فکری طویل بین علماء الشیعة ، وقد تحقق الانتصار علی ید الرائد المجدد الوحید محمد باقر البهبهانی المتوفی عام ( 1206 ه ) ، والشیخ الکبیر جعفر کاشف الغطاء .
ورغم أن المصادر المتوفرة لدینا لم تتحدث بوضوح عن موقف الشیخ الأنصاری فی مواجهة هذه الحرکة الضالة ، إلا أنـه یمکن اکتشاف دوره من خلال معرفة حقیقة تأریخیة هامة ، وهی أن الحرکة البابیة التی استندت جذورها إلی الوسط العلمی فی کربلاء ، وکان یفتـرض فی ضوء ذلک أن تنتشر فی العراق ولا سیما فی المناطق المقدسة منه ـ إلا أن العکس هو الذی حدث ، حیث لم تستطع هذه الحرکة أن تحقق نجاحها إلا فی أوساط کربلاء ، أما فی النجف فلم تستطع الحرکة الوصول إلیها ."