خلاصه ماشینی:
"الخصوصیة الثالثة ـ الرحمة والرأفة والمحبة والود : وتتضمنها الآیة المبارکة « الرحمن الرحیم » وهی لیست مجرد صفة جیء بها تکرارا لما فی ( البسملة ) وإنما ارید منها تحدید خصیصة اخری فی علاقة الله تبارک وتعالی بالعبد وهی علاقة ( الرحمة ) ، فقد خلق الله عز وجل الخلق عن إرادة واختیار وجعله حسنا ومتناسقا وسائرا فی طریق التطور والتکامل ، غیر ان بالإمکان أن نفترض فی مسیرة تکامل الإنسان ـ الذی هو جزء من هذا الخلق، بل أشرف جزء فیه ـ ثلاثة فروض هی : 1 ـ أن تکون العلاقة خلال هذه المسیرة علاقة القهر والإرادة التکوینیة باسلوب العذاب ، غیر ان هذا النوع من العلاقة قد نفاه القرآن الکریم .
هی حالة منسجمة مع ما هو موجود وقائم فی الکون کله ، إذ اشیر سابقا إلی ان ظاهرة العبادة لله ظاهرة موجودة فی کل الکون الذی یسیر بها نحو تکامله من خلال الإرادة التکوینیة ، وتشمل هذه الظاهرة حینئذ الإنسان أیضا ، غایة ما فی الأمر ان تکامله لا یتم إلا من خلال إنسجام إرادته مع الإرادة التشریعیة لله تبارک وتعالی ، کما قلنا ، ولعل هذا هو الذی تشیر إلیه الآیة ( 18 ) من سورة الحج ، حیث جاء التعبیر « وکثیر من الناس » فی مقام العطف علی سجود الشمس والقمر والنجوم .
2 ـ الشریعة الإلهیة : فإن القرآن الکریم عندما یطرح هذا السراط علی أساس انه سراط الانبیاء ، فهو بذلک یشیر إلی الشریعة التی جاء بها هوءلاء الانبیاء من الله تعالی فی الوقت نفسه الذی یطرحهم بصفتهم قدوة حسنة لهذا الإنسان فی مقام الهدایة والشریعة ـ بطبیعة الحال ـ تقترن بفکرة عقائدیة مهمة ، وهی فکرة ( النبوة ) ، حیث إن الشریعة إنما کانت باعتبار اتصاف هوءلاء ( الانبیاء ) بها ."