خلاصه ماشینی:
"» : (16) یقول المفسر إن المساجد الحقیقیة هی الصدور المنشرحة المستنیرة ویقصد بها أولیاء الله فیقول: «والمساجد جمع المسجد وهو محل السجود وهو غایة الخضوع فتمام الأرض مسجد بهذا المعنی لأن جملة ما فیها لیس لها إلا التذلل فجملة وجه الأرض محلل لتذلل ما فیها وقال النبی (ص): جعلت لی الأرض مسجدا وطهورا لشهوده (ص) سجود الکل فی کل الأرض وبهذا المعنی صارت الصدور المنشرحة بنور الإسلام والقلوب المستنیرة بنور الإیمان مساجد حقیقیة لسجود کل ما فیما وتذللهما حقیقة، وامتیاز المساجد الصوریة من بین بقاع الأرض بإسم المسجد وإسم بیت الله لیس لهذا المعنی ولا خصوص البقعة ولا خصوص اللبنة والطین والجص وسائر آلات البناء، ولا خصوص البناء والعملة وإلا لشارکها فی هذا الإسم کلما شارکها فی هذه بل الامتیاز بنیة الواقف لأن الواقف إذا کانت نیته صحیحة خالصة لوجه الله غیر مشوبة بأغراض النفس صار صدره منشرحا وقلبه مستنیرا وصارا مسجدین لله وبتوجهه إلی تلک البقعة تصیر البقعة مستنیرة وتمتاز بالمسجدیة وبکونها بیت الله، فإذا صار الإنسان متمکنا فی ذلک الانشراح والاستنارة صار مسجدا وبیتا لله علی الإطلاق، وإن لم یکن متمکنا فیها کان مسجدا وبیتا لله وقت الاتصاف بهما، وکلما ازداد واشتد الاتصاف به ازدادت واشتدت المسجدیة والبیتیة لله، وکلما اشتدت مسجدیته لله اشتدت مسجدیته ما بناه لله، فالمساجد حقیقیة والبیوت التی أذن الله أن ترفع هی الصدور والقلوب المنشرحة المستنیرة وبعدها أصحاب تلک الصدور والقلوب، وأما المساجد الصوریة فهی مساجد حقیقة باعتبار المعنی الأول الذی به تکون جملة بقاع الأرض ومساجد لکن امتیازها عن سائر بقاع الأرض بإسم المسجدة فلیس إلا بتوجه المساجد الحقیقیة التی هم الواقفون لها ولذلک فسروا ـ أی الأئمة ـ المساجد والبیوت التی أذن الله أن ترفع فی أخبار کثیرة بأنفسهم..."