خلاصه ماشینی:
"2. البلد الحرام فی المسیرة الإبراهیمیة إذا کانت المواد اللغویة التی تعبر عن معنی المقدس فی مدونة الحدیث النبوی قلیلة لا تتجاوز تقریبا جذورا ثلاثة هی: ق د س / ع ظ م / ح ر م فإنها تتیح رغم ذلک تعمیق الرؤیة التی یمدنا بها الخطاب القرآنی فی نفس الموضوع.
یتضح ذلک من ربط تشریف الأمة و تقدیسها بطبیعة فعلها و سلوکها و یظهر أکثر فی الحدیث الثانی الذی یقرن حرمة الأماکن و الأوقات بحرمة الدماء و الأموال أی بحرمة الإنسان: ألا و إن دماءکم و أموالکم علیکم حرام کحرمة یومکم هذا.
ما یمکن أن یفیده مثل هذا التلازم هو الجانب التصوری و الإجرائی الذی یرید أن یتمیز به الخطاب الإسلامی فی خصوص قضیة القداسة سواء أتعلقت بالذات الإلهیة أم بالقیمة الدینیة لبعض المواقع والأماکن، فالمعنی المستفاد من تعظیم الله و التأکید علی حرمته هو الاتباع و الالتزام أما المعنی المقصود من توقیر بعض الأماکن و تعظیمها فهو إثبات قیم دینیة خاصة تکون تلک المواقع بمثابة الرمز الحی الحافز علیها للإنسان أیضا.
(2) ما یمکن أن تفیدنا به هذه القراءة لنصوص الأحادیث النبویة المتعلقة بالأماکن المقدسة و بالعناصر الثلاثة التی ینتظمها الخطاب القرآنی فی نفس الموضوع هو أن جوهر هذه القضیة ـ إذا نظرنا إلیها من خلال عقیدة التوحید ـ یرتبط بالشرط الإنسانی فهو مناط تعظیم بعض الأماکن و غایة تشریفها.
للوصول إلی هذا الغرض فإننا نعتبر أن ما نجده فی مدونة الحدیث النبوی حول أفضلیة بعض الأماکن ثابت(6) و أن تعلیل تلک الأفضلیة ینبغی أن یستفاد من دلالات تلک المدونة فی الموضوع و من الخطاب القرآنی فی تکامله و من خلال المسیرة الإبراهیمیة بالذات."