خلاصه ماشینی:
"فبرزت علی السطح الخارجی ظواهر شاملة کونت مجموعة من التحدیات الکبری امام واقع الانسانیة الفکری والعملی ، ومن ابرز تلک الظواهر والتحدیات : اولا : طغیان منهج التفکیر المادی المسمی (بالمنهج التجریبی) علی طریقة التفکیر الانسانی ، وهو المنهج القائم علی اساس سلوک العقل البشری فی الاستدلال والاثبات للقضایا من الخاص إلی العام ، وهذا وإن صح فی مرحلته الاولی فی دائرة الطبیعة المادیة فإن المشکلة تکمن فی سریانه ، عن عقیدة أو عن تطبع ، إلی مسائل وموضوعات ما وراء الطبیعة ، وهی التی تتعلق بمسائل العقیدة وما یرتبط بها من قضایا فکریة .
وهذا بخلاف الدعوة الاسلامیة ، فإن من ابرز أهدافها هو توجیه العقل الانسانی نحو الحقائق الواقعیة ، لتکوین الفکرة السلیمة والعقیدة الصحیحة ، وتربیة ارادته علی الاختیار الحر النزیه القائم علی الوعی والادراک المتکامل ، وهو المعلم الثانی الذی رسمته لنا الثورة الاسلامیة وقیادتها الرسالیة فی نهجها التغییری ، فهی أولا تعلن أن الامة هی القوة الحقیقیة التی لا یمکن اغفالها وتجاوزها أو التنکر لقضایاها ومصالحها العامة ، وهی ثانیا تعمل لتطبیق هذا الشعار من خلال تعبئة الامة المؤمنة بالله وتوجیهها قوة حقیقیة تتکامل مع حقیقة الواقع الالهی ، والامداد الغیبی لاجل صنع النصر وتحقیق التغییر واقامة حکومتها العادلة ودیمومتها ، وهما عاملان لا ینفک احدهما عن الاخر فی تحقیق الهدف المنشود ، ویکشف الامام الخمینی(قدس سره) عن هذه الحقیقة فی قوله : «یقین أن سر دیمومة الثورة الاسلامیة هو نفس سر انتصارها ، والامة تعلم ماهیة هذا السر واین یکمن ، والاجیال الاتیة ستقرأ فی التاریخ أن دعامتی هذا السر تکمنان فی الدافع الالهی والغایة السامیة للحکومة الاسلامیة ، والتفاف الشعب فی ارجاء البلد بکلمة واحدة حول هذا الدافع وتلک الغایة»([10]) ."