خلاصه ماشینی:
"ویحتمل الاستنباط من حکم هذه الایة من سورة الاحزاب ، أن الحجاب الاضافی فرض علی الحرائر للتحرز من فتنتهن للرجال ، إذ إن مصدر أذیتهن تحرش الشباب بهن ، ولا شک فی أن منشأ ذلک التحرش هو فتنة النساء لهم ، فلولا الفتنة لم یکن الاثارة والتحرش ، ولولاها لم یحصل الاذی منهم لهن کما فی الایة : (أن یعرفن فلا یؤذین) بتحرش الشباب بهن ، فمصدر الفتنة هی الحرائر فی المقام الاول ; لانهن فی الغالب أجمل من الجواری ، وأقدر منهن علی التلاعب بعقول الرجال ، ولیس العکس ، فلیست الفتنة فی الاماء اکثر ـ خلافا للمفسر الاندلسی أبی حیان فی البحر المحیط ـ اللهم إلا لانفلاتهن لعدم انتسابهن إلی عوائل ، کما مر ، لا لانهن أجمل للبعول وأقدر علی اللعب بالعقول ، کما قال ، ولا نقول ، وهو من نوع اجتهاد العقول فی موضع النص المنقول ، والذی تضمنه التعلیل الصریح للحکم بحصره فی تمییز الحرائر عن الجواری ، فالغرض هو درء الفتنة الاکثر بالحرائر ، ولذلک تشدد هذا التشریع فی حجب الحرائر وتساهل فی الجواری ، من دون أن یکون الحکم متوقفا علی وجود الجواری ، فالحکم فی الایة غیر موقوت بوجود الجواری لتحجب الحرائر ، فالحکم صدر عن المشرع الاسلامی للتحرز من الاغراء غیر مقید بزمن خاص ، بل بوضع خاص هو الاثارة والاغراء للرجال بالنساء ، فالحکم فی الایة لا یصطدم باعتبار ابدیة الاحکام الشرعیة استنادا إلی الحدیث القائل : « حلال محمد حلال إلی یوم القیامة ، وحرامه حرام إلی یوم القیامة »([8]) ، والخطاب الالهی فی الایة لم ینطلق من قرار الهی بوجود الرق أبدیا ، کما اوهمه الواهم([9]) ."