خلاصه ماشینی:
"ویجب هنا أن نلاحظ أن الخلط بین واجبات الفقیه فی عملیة الاستنباط ، وواجباته فی عملیة القضاء وفض النزاعات ، وبین واجبات الحاکم فی مسألة ادارة دفة الحکم ، وکذلک الخلط بین دور المصلحة فی استنباط الموقف الشرعی الخالد من القضایا والنوازل ، ودورها فی العملیة الاداریة الاجتماعیة وما یتبعها من نوازل ، وهو موقف غالبا ما یکون تابعا للظروف الزمانیة والمکانیة ولذا لا یعد موقفا خالدا ، وهکذا الخلط بین الموقف الفردی من الظروف الطارئة ، والموقف الاجتماعی منها; کل هذه الانماط أدت إلی نوع من الابهام فی النظریة ، والاختلاف فی النتائج ، الامر الذی یتطلب التنقیح والتنبیه .
والحقیقة هی أن اسلوب التنفیذ هو احد الموارد التی یکلف بها الحاکم الشرعی لیعینها اجتماعیا ، رغم وجود بدائل اخری للتنفیذ ، من قبیل أن یأمر بنظام اقتصادی معین لا ربا فیه مع وجود بدائل اخری ، إلا إنه یمکن ارجاع هذا الفرق إلی الفرق الثانی ، واعتبار أن کل ما یقوم به الحاکم الشرعی إنما هو العمل علی تطبیق کلیات شرعیة معطاة له بالحکم الاولی ، من قبیل لزوم مراعاة المصلحة العامة أو رجحان فکرة (کی لا یکون دولة بین الاغنیاء منکم) ، کما سیأتی ذلک .
وما قاله استاذنا الحکیم صحیح ، إلا إنه یمکن توجیه کلام صاحب (سلم الوصول) بأن القسم الاول لا یعنی الاساس الذی صدر علیه هذا السلوک الخاص ، وأن القسم الثانی لا یکشف عن حکم شرعی ثابت کما هو فی القسم الثالث إلا إن الذی یرد علیه أنه خلط فی القسم الثانی بین الاراء الشخصیة والمواقف الحکومیة الولائیة ، حیث تعبر المواقف الحکومیة عن مراعاة کاملة للاطر التشریعیة العامة ، والتوجیهات الاسلامیة للحاکم الشرعی ـ کما سیأتی بیانه ـ والمصلحة العامة للامة مما یمکن أن یساعد فی الکشف عن الحکم الاسلامی الثابت ، وإن کان هو لا یعبر عن حکم ثابت شامل باعتبار قیامه علی اساس مراعاة الظروف الزمانیة والمکانیة ."