خلاصه ماشینی:
"نعم إن هنا مسألة یسوء الأوربیین ذکرها فی الجرائد علی أن ذکرها وعدمه سیان ؛ لأنها معلومة بالضرورة لکل مسلم , وهی أن الدین الإسلامی دین سلطة وسیاسة لا دین تعبد وتحنث فقط , فمن أصوله أن یسعی أربابه بأن تکون لهم السلطة علی العالم کله , لا علی المسلمین وحدهم کما یظن البعض , ولکن هذا الأمر من وظائف الخلفاء والأمراء , لا من وظائف العامة فترشدها إلیه الجرائد والخطباء , وتؤلف لأجله الجمعیات , وإننا نعتقد أن الله تعالی ما کلفنا بنشر دیننا فی جمیع العالم ورفع لواء سلطتنا علی رؤوس جمیع الشعوب لأجل الأبهة والفخفخة , وتمتع الملوک والأمراء بالسلطة المطلقة , واستعباد الناس وإذلالهم وإنما أمرنا الله باستعمار الأرض وإصلاح الناس , ولذلک ذکر فی أول الآیات التی نزلت فی الإذن بالقتال هذا المقصد الشریف , فقال عز من قائل : ] أذن للذین یقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله علی نصرهم لقدیر * الذین أخرجوا من دیارهم بغیر حق إلا أن یقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبیع وصلوات ومساجد [2{ یذکر فیها اسم الله کثیرا ولینصرن الله من ینصره إن الله لقوی عزیز * الذین إن مکناهم فی الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزکاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنکر ولله عاقبة الأمور } ( الحج : 39-41 ) فذکر من الحکمة فی الإذن بالقتال المدافعة وإزالة الظلم , وحفظ المعابد التی یذکر فیها الله تعالی , وذکر من وصف المقاتلین الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر , وذلک إما بالإلزام وإما بالتربیة والتعلیم , وهذا هو الإصلاح الأکبر , فإذا کان حکامنا یترکون سیل الفساد والظلم فی بلادهم وما یجرف حتی صارت أبعد بلاد الله عن العمران وأقربها إلی الفساد فکیف لنا أن نحرضهم مع هذا علی أن یضموا غیرها إلیها ؟ ."