خلاصه ماشینی:
"علی أننی رأیتنی قد عرفت فیه أنه لم یخلق لأن یعیش وحیدا , ولا لأن یقضی جمیع زمانه مع الکبار لأنه ما دام ذا عقل وقصر علی مخالطتنا یشیخ قبل بلوغه زمن الشیخوخة , وأما إذا اختلط بلداته وعاشر أترابه أشرق فی وجهه نور الفرح بابتهاجهم وسری إلی نفسه روح السرور منهم , ولهذا رأیت من مصلحته أن یتخذ له رفقاء من أطفال القریة جعلت أمر اصطفائهم موکولا إلی حتی لا یکون له فیهم أسی سیئة , ولم ألاق فی هذا الأمر صعوبة لأن الناس هنا لاشتغالهم طول النهار بتحصیل رزقهم یرون فی تسلیم أطفالهم لمن یقوم بشأنهم تخفیفا من حملهم , وقد أصبح بیتنا من هذه الجهة شبیها بملجأ من ملاجئ الأطفال فأذکر لک من أخصاء ( أمیل ) اثنین فقط وهما : غلام اسمه ولیم یکاد یساویه فی سنه أعنی أنه فی الخامسة أو السادسة من عمره , وفتاة فی السابعة من عمرها علیها مخایل الحسن تسمی إزابلی , ولکن الناس یختزلون هذا الاسم اختزالا لا شبهة فی وجه مناسبته فیدعونها بلی ( کلمة تلیانیة معناها جمیلة ) أخص ما أعنی به فی شأن أولئک الأطفال الثلاثة هو إیجاد رابطة اختلاط وعشرة بینهم فترانی إذا صرحت لهم بالانطلاق إلی التنزه أوزع علیهم ثلاثة أصناف من الطعام ولکنی أراعی فی هذا التوزیع أن یکون الخبز کله لواحد منهم واللحم البارد مثلا للثانی والفاکهة للثالثة فإذا حانت لهؤلاء المبتطلین ساعة اشتهاء الأکل وهی قلما تتأخر لأنهم یأکلون أکل صغار الذئاب دعا من نال الخبز منهم رفیقیه إلی مقاسمتهما إیاه علی شرط أن یقاسماه أیضا ما معهما من اللحم والتفاح مثلا فتقبل منه هذه الدعوة علی طیب نفس لأن لکل منهم مصلحة فیها وبهذه الطریقة یتعلمون بالغریزة الجری علی سنة المعاوضة التی هی علی ما أدری حقیقة معنی المساواة ."