خلاصه ماشینی:
"علی أنی أعوذ بالله أن أجحد ما لآثار السلف من المزایا والفوائد إلا أن فی الأخذ بهذه الآثار کما فی الأخذ بغیرها من الأمور حدا وسطا یصعب تمییزه , فالطفل الذی لا یتلقی شیئا من المجتمع الذی یعیش فیه یصیر إما متوحشا وإما أحمق , وأما الرجل الذی یتلقی منه کل شیء بالتسلیم مرتکنا علی ثقته به مجتنبا مشقة النظر فیما تلقاه منه بدعوی أن من سبقوه قد کفوه مؤنة ذلک وکانوا أصح منه نظرا فإنه لا یکون أبدا إلا ضعیف العقل معجلا بوقف نفسه علی جمیع ضروب الاستعباد .
فمثل هذه الآراء تسری علی نفوسنا من أول نشأتها وینتهی أمرها إلی أن تکون من الامتزاج بها بحیث یلزم لاستئصالها فی المستقبل بذل جهد عظیم فی أعمال القوة الحاکمة والاستعانة بشیء من الإقدام ، والبسالة .
وجملة القول أن طریقتک فی تربیة ( أمیل ) قد نالت من رضائی واستحسانی أکمل حظ ووقعت من قلبی أجل موقع , فإن التربیة عمل ملاکه بذل النفس وقوامه الحب وإنی أعرف من کبار الرجال من دأبهم الاحتراس والانقباض فی معاشرة الأخصاء ومخالطة الأصفیاء , فأمثال هؤلاء"
(
, 
, 
)
