خلاصه ماشینی:
"إن ارتقاء الفکر والشعور لا یعرف إلا بأثره فی العمل للأمة ؛ فإذا قلنا : إنخواص الأمة هم العاملون لها المخلصون فی خدمتها ، الذین لا یشترون مصلحتهمبمصلحتها فکم رجلا نعد من هؤلاء فینا ؟ هل نعد منهم من یری منتهی الشرف أنیشتری رتبة یتزیا بحلتها ، وأوسمة یتزین بحلیتها ؟هل نعد منهم سماسرة الرتب والأوسمة الذین یأخذون علیها الأجور من أهلالدثور ، ثم یطرونهم بالأمادیح قائلین : إنهم ما وصلوا إلی هذه الحلی والحلل ، إلابإخلاصهم للبلاد ولسید البلاد وممثل الأمة ؟هل نعد منهم الذین یقولون ویکتبون ما یراه غیرهم حسنا ، وإن رأوه قبیحا ،ویدعون إلی ما یشعر غیرهم بفائدته أو لذته ، وإن کانوا یشعرون بغائلته ومرارته ؟هؤلاء هم الذین ورد فی أمثالهم { لهم قلوب لا یفقهون بها } ( الأعراف :179 ) وإنما یعقلون بقلوب من ینتفعون منهم { ولهم آذان لا یسمعون بها } (الأعراف : 179 ) وإنما یسمعون بآذان من باعوهم حواسهم ومشاعرهم ، کما باعوهمقلوبهم وأفکارهم { أولئک کالأنعام بل هم أضل } ( الأعراف : 179 ) لأنهمخرجوا عن قانون فطرتهم بما أوتوه من الدهاء والأنعام لم تخرج عن الفطرة ؛ ولأنفی الأنعام منافع للناس وهم ضارون للناس { أولئک هم الغافلون } ( الأعراف :179 ) عما یحل بأمتهم وینزل بها من المصائب بإفسادهم لأخلاقها ، ومحوهم لوجدانالفضیلة والشرف الحقیقی منها ، ویا حسرة علی أمة تعد هؤلاء من خواصها ومنمرشدیها ."