خلاصه ماشینی:
"وقیل أن یکون مع ذلک صاحب قریحة یعرف بها عادات الناسلأن من الأحکام ما یبنی علیها ) اهـ ، وقال صاحب فتح القدیر فی القید الأخیر :(فهذا القید لا بد منه فی المجتهد فمن أتقن معنی هذه الجملة ؛ فهو أهل للاجتهادفیجب علیه أن یعمل باجتهاده , وهو أن یبذل جهده فی طلب الظن بحکم شرعیعن هذه الأدلة ، ولا یقلد أحدا ) اهـ واعتماده معرفة أحوال الناس وعاداتهم لامندوحة عنه ، وأنت تعلم أن المجتهدین الأولین لم یکن عندهم علم یسمی الفقهینظرون فیه قبل الاجتهاد لتحقیق الشرط ، علی أن النظر فی الفقه بعد تدوینه یعینعلی الاجتهاد بلا شک ، وإنما قالوا الظن بالحکم ؛ لأن الأحکام القطعیة المعلومة منالدین بالضرورة لا اجتهاد فیها ؛ لأن طلب معرفتها تحصیل حاصل کتحریم الظلموالخمر وفرضیة الصلاة والعدل .
بقی القسم الرابع - وهو الذی لا یمکن أن تحدد جزئیاته شریعة عامة دائمةلکثرتها ، ولاختلافها باختلاف الزمان والمکان ، والعرف والأحوال من القوةوالضعف وغیرهما ، ولا یمکن لکل أحد من المکلفین أن یعرف هذه الأحکام , کماأنه لا یحتاج إلیها کل واحد فهی التی یجب فیها الاجتهاد والاستنباط من أولی الأمرویجب فیها تقلیدهم واتباعهم علی سائر الناس ، ولذلک لم یحدد الدین الإسلامی کیفیةالحکومة الإسلامیة ، ولم یبین للناس جزئیات أحکامها , وإنما وضع الأسس التیتبنی علیها من وجوب الشوری ، وحجیة الإجماع الذی هو بمعنی مجلس النوابعند الأوربیین ، وتحری العدل والمساواة ، ومنع الضرر والضرار ، وقد حدثتأقضیة للناس فی زمن التنزیل منها ما نزل فیه قرآن ، ومنها ما حکم فیها النبیصلی الله تعالی علیه وسلم بما أراه الله تعالی ؛ فکانت تلک القواعد العامة وهذهالأحکام نبراسا لأولی الأمر الذین فوض الشارع إلیهم وضع الأحکام باجتهادهم فهمفی ضوئها یسیرون ."