خلاصه ماشینی:
"وفتنة القبوریین والمحتالین وتقلیدهم أقعدهم عن اکتساب العلم والجد فی رضیالمولی وعبادته والإخلاص له , واتکلوا علی الأموات وشفاعتهم ، ولهم حکایاتیطول شرحها ، وسمعت بعضهم یقول : إن الولی الفلانی یرمی المدافع من قبرهعلی الأعداء ، والعامة إذا سمعت مثل هذه الخرافات آمنوا بها ، ووطنوا أنفسهمعلی ذلک حتی فی الدفاع عن حرمهم ووطنهم , فما بالک یا أخی تظن أنه مع هذهالفواقر یبقی للأمة الشعور والحیاة القومیة , فإن بقی لک أمل بعدما عرفت ما هم فیهمن جنایة التقلید علیهم فکیف یتحقق ویثبت هذا الرجاء ، وقد أتت الطائفة الثالثةأعنی المتصوفة تدعو إلی تقلیدها واتباع سبیلها ، تدعو إلی الخمول والفقروالانطراح والاتکال علی القدر مع رفض الأسباب , واعتقاد وحدة الوجود بالأذواقوالکشوفات التی لم یشموا رائحتها , ولم یتصوروها لا بحدها ولا برسمها , ولکنیحکی ویروی أنها حصلت لأسلافهم ، ونحن لا نذکر أموات المسلمین إلا بخیر ،فإنهم قدموا علی ما قدموا علیه , وإنما کلامنا فی الأحیاء بقصد إصلاح الأمة ،وعسی أن الله یلقی فی قلوبهم نورا ویصلح شأنهم .
وقد یقال : إذا کان دین الإسلام قد أتی بأکمل التعالیمالسیاسیة والاجتماعیة , وأن السلاطین المسلمین ترکوها لعدم مناسبتها لطبائعهمالشهوانیة ؛ فما بال الخلفاء الراشدین لم یجمعوها ویرتبوها ویفرعوا علیها , وهلعملوا بها أم لا ؟ویقال فی الجواب : إن مثل هذا الاعتراض یمکن أن یقال فی أشیاء کثیرة ،والجواب عن بعضها هو الجواب بعینه عن باقیها , کأن یقال أیضا : ولم لم یجمعواأحادیث النبی صلی الله علیه وسلم , ولم لم یشرحوها , ولم لم یفسروا القرآن ، ولملم یرتبوا أصول الفقه إلی غیر ذلک مما اعتنی بجمعه وتدوینه المتأخرون ، وذکرالجواب عن ذلک العلماء فی شروح الحدیث عند ذکر البدع , وجوابهم هناک هوجوابنا عن هذا الافتراض ، ولنا أجوبة أخری لیس هذا محل ذکرها ، أما الشقالثانی وهو أن الخلفاء هل عملوا أم لا ؟ فیقال : لعمر الله إنهم عملوا وأرشدوافجازاهم عن الإسلام والمسلمین خیر جزاء وسیأتی لنا نقل بعض سیرتهم ."