خلاصه ماشینی:
* * *( إلیاذة هومیروس )هومیروس کبیر شعراء الیونان أشهر من نار علی علم , وأشهر شعره ماسمی بالإلیاذة , وهو ما نظمه فی وصف حرب قومه الیونان لطرواده ، وقدعنیت أمم العلم والأدب فی القدیم والحدیث بنقل الإلیاذة إلی لغاتها ، إلا الذین أحیواجمیع علوم الیونان بعد موتها , وهم العرب ، حتی قام فی هذه الأیام سلیمانأفندی البستانی مؤلف دائرة المعارف العربیة فعربها نظما .
وتلاه بالخطابة کاتب هذه السطور , فذکر معنی الاحتفال وفائدته ونسبةالإلیاذة إلی الشعر العربی وسبب إغفال العرب لها ، بینت فی هذا أن الروح الأدبییسبق فی الأمم الروح العلمی والصناعی ، فمتی سمت آداب الأمة ورق شعورها ؛تحس بحاجتها إلی العلم فتنبعث إلیه وتبدأ بخدمة علم الأدب منه ، فکان مقتضی هذهالقاعدة أن یبدأ العرب بنقل آداب الیونان قبل علومهم ، ولکن العرب کانوا فی غنیعن هذه الإلیاذة فما دونها من آداب الیونان ؛ لأنه لا یکاد یوجد فیها شیء منالمعانی الشعریة والأدبیة إلا وقد سبقوا إلی مثله أو خیر منه ، وفی شرح الإلیاذةالعربیة شواهد کثیرة علی ذلک ، والسبب فیه أن حال الیونان فی حروبهم التییصفها هومیروس شبیه بحال العرب فی بداوتهم وحروبهم ، ولکن وثنیتهم تخالفوثنیة العرب .
قلت : ویعلم السادة الحاضرون أن العرب لم یندفعوا إلی ترجمةالکتب إلا بعد الدخول فی الإسلام فقد کانوا قبله أمیین لا یعرفون الکتاب ، فالإسلامهو الذی ساقهم إلی طلب العلم والحکمة ، فلما أرادوا ترجمة کتب الیونان للاستفادةمنها رأوا فی آدابهم وأشعارهم العربیة مثل ما عند أولئک وزیادة إلا ما کان منالخرافات الدینیة کأحوال الآلهة الکثیرین , وهذا ما جاء الإسلام لمحوه لا لإحیائهبعد موته ، فکان إغفال العرب للإلیاذة کإغفالهم لصناعة التصویر ؛ لأن الصورکانت فی أیامهم خاصة بالشعائر الوثنیة ، فلما تغیرت الأحوال وأراد الله لهذه اللغةأن تنهض نهضة جدیدة أحس رجال الأدب بالحاجة إلی ماعند الأمم الأخری منالآداب , وأقدمها وأشهرها الإلیاذة , فکان صدیقنا البستانی هو السابق إلی توفیة هذهالحاجة ؛ فقوبل بهذا الاستحسان العظیم .