خلاصه ماشینی:
"ذلک بأن عذاب الله فی الدنیا والآخرة مخوف ومحذور فی نفسه لأن لله فیه سننالا تتبدل یوشک أن یخالفها المرء من حیث یدری أو من حیث لا یدری وأن القلوبتتقلب وأنه لا یجب لأحد من خلقه علیه شیء ولذلک قال : { قل فمن یملک من اللهشیئا إن أراد أن یهلک المسیح ابن مریم وأمه ومن فی الأرض جمیعا ولله ملکالسموات والأرض وما بینهما یخلق ما یشاء والله علی کل شیء قدیر } ( المائدة :17 ) فبمثل هذه الآیة یهدینا سبحانه إلی أن ملائکته وأنبیاءه وأولیاءه ما کانوالیرجون رحمته إلا بفضله علیهم إذ جعلهم محلا لطاعته وإرشاد عباده فلا نغلو فیتعظیمهم حتی ننسی کونهم عبیدا له إن شاء أن یهلکهم فعل ؛ لئلا نطلب منهم نفعاأو ضرا .
هذا ولما کان أکثر الوثنیین قد فتنوا برجال من صالحیهم حتی اعتقدوا أنهمبعد موتهم ینفعون ویضرون وکانت هذه الفتنة قد سرت إلی أهل الکتاب فاتخذواأحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله , وصاروا یبنون علیهم الکنائس أو ینسبونهاإلیهم ویتوسلون بهم إلی الله تعالی , ویعتقدون أن الله یقضی حاجاتهم بجاههم أو أنهأعطاهم قوة قضائها بأنفسهم نهی النبی صلی الله علیه وسلم عن بناء المساجد علیالقبور وعن عمارة القبور نفسها وعن وضع السرج علیها , بل ونهی عن زیارتهافی أول الإسلام ولما تمکن التوحید رخص فی زیارتها بقصد الاعتبار بالموتوتذکر الآخرة ففعل المسلمون فی هذه الأزمنة کل ما نهی عنه ولعن فاعله ومنذکرهم ونهاهم عن هذه البدع أنکروا علیه بأنه هو المبتدع لأنه منکر لزیارة القبورکأن زیارة القبور تحمی کل تلک البدع التی هی شعار الوثنیین مع أن الصحیح فیالأصول عند الجمهور أن الأمر بالشیء بعد النهی عنه إنما یدل علی إباحته لاوجوبه أو ندبه , وهب أن الأمر بالزیارة بعد حظرها للندب أو الاستحباب ألیس قدعللت بعلة تذکر الآخرة فإذا فعلت لعلة أخری کدعاء المیت وطلب الاستفادة منه أوبه تکون قد خرجت عن دائرة الإذن ودخلت فی باب المحظور الذی لم یأذن به الله؟."