خلاصه ماشینی:
"حجة القائلین بالتضاد أن القلب موضع الشعور الوهمی الذی لا حقیقة له فهویخاف مما لا یخاف أو لا یخیف , ویرجو ما لا یرجی , ویتقحم به الوجدان مواقعالهلکة فیبذل النفس والنفیس فیما لا فائدة فیه فهو سلطان أخرق جائر لا یدین له إلاالنساء والأطفال ومن ضعف عقله من الرجال ، وأعوانه رجال الدین الذین عرفوافی کل زمان ومکان بإقامة هیاکل الوهم ، ومعاداة العقل والعلم ، وجعل وجدان الدینآلة القهر فی أیدی الرؤساء المستبدین ، فإذا کان الشعور بأن فی الکون سلطة غیبیةیجب لها الخضوع والعبودیة - هو أعلی وجدان للقلب وأنفذه حکما علی الجوارح ،وإذا کان سائر أنواع شعوره ووجدانه کالخوف والرجاء والبغض والحب والقسوةوالرحمة تخدم هذا الوجدان وتؤیده ، وإذا کانت تلک السلطة العلیا قد تمثلت للوهمالإنسانی فی الجماد وقوی الطبیعة وفی الحیوان فعبدها الإنسان , ثم تمثلت له فیأفراد منه فعبدهم وعد نفسه قد ارتقی بذلک ارتقاء مبینا ، وإذا کان العقل قد کشفلقوم بطلان الوهم فی أکثر تلک المظاهر للسلطة الغیبیة ولآخرین بطلانه فی جمیعهاحتی صار المرتقون من البشر فریقین : فریقا لا یزال ینقاد لذلک الوجدان ولکنهینزهه عن التقید بأی مظهر من مظاهر الطبیعة ویفند أکثر ما وصفته الأدیان به ,وفریقا یحکم بأن ذلک الوجدان وهم لا حقیقة له ، وإذا کان هؤلاء المرتقون أقربالناس من السعادة فی معیشتهم ومن النفع للناس وأبعدهم عن الشقاء الذی تثیرهالأوهام التعبدیة ، وتمده سائر الوجدانات الدینیة ، وإذا کان الحس الظاهر الذی هوأقوی من وجدان القلب وفکر العقل یخذل الأول بما ظهر من مخالفة کثیر منالنصوص الدینیة للأمور المحسوسة وینصر الثانی ویؤیده ؛ أفلا یکون القلب والعقلضدین فی ذاتهما وفی أثرهما فی الناس , ویکون من الصواب أن نجعل العقل هوالحاکم والقلب هو المحکوم وأن نؤدب الوجدان بسوط الفکر والبرهان ، وندع لحکمالعقل والحس جمیع أحکام الأدیان ؟وأما حجة الذاهبین إلی أن لکل من القلب والعقل سلطانا مستقلا یباین الآخرولا یناقضه , وأنه یجب أن لا یعدو واحد منهما طوره ویخرج عن حدوده فهی أنهلا ینکر عاقل أن الوجدان أمر وجودی ثابت متحقق فی نفسه کما أن الفکر أمروجودی ثابت متحقق فی نفسه وأن لکل واحد منهما أثرا منه الضار والنافع ,وأحکاما منها الخطأ ومنها الصواب وأن الإنسان فی حاجة إلی کل واحد منهما فلمیخلق له أحدهما عبثا , وأنه لا بد لکل منهما من قانون تعلیمی تکون الغایة جعلأحکامه وآثاره نافعة للإنسان , وأن قانون القلب هو الدین الذی یوجه جمیع عواملشعوره ووجدانه إلی الخیر والفضیلة , ویصرفها عن الشر والرذیلة ."