خلاصه ماشینی:
"وبناء علی ما تقدم تکون شروط اللغة الحقیقیة بهذا الاسم ثلاثة أیضا :الأول : أن یکون تعبیرها محکما , وذلک عبارة عن تمام المطابقة بین الدالوالمدلول , ولا سبیل إلی هذا إلا إذا سهل استعمال اللفظ قدر المعنی ، ولم یزد المعنیعن اللفظ المستعمل لأجله , وهذا الشرط صعب التوفر ؛ فما وفقت لغة حتی الآنلنیل هذه المزیة , اللهم إلا لغة علماء الریاضة , بل إن اللغات الأخری لن تنالها أبدا .
إنهم یعملون أکثر من هذا : إن لکل بلد عادات فی أکلها وسکناها ولباسهاوأطوارها , ویتبع ذلک وجود أسماء عند قوم لمسمیات لا یعرفها قوم آخرون إلا أنالتجارة وطرق المواصلات تنقل هذه المسمیات ، أو تجعلها تشاهد فی أماکنها منالنازحین إلیها ؛ فیری أهل البلد ما یروق لهم من بعض تلک الخصوصیات لأهلالبلد الآخر , ولا یجدون من لغتهم نصیرا علی التعبیر عنه تماما , لکنهم لا یختارونولا یقصدون الاجتماع تلو الاجتماع ، ولا یفترقون شیعا وأحزابا , بل یقدمون علیتناول المسمی واسمه ویدرجون علیه من ساعتهم فیمتزج بلغتهم ، ویعرفه الکل ،ویتحرون فی حدیثهم أن یلفظوه کأنهم فی نطقهم به من أهله ، والأمثلة علی ذلک لاتحصی یعرفها کل من تعلم لغة واحدة أجنبیة .
ما کان هذا لیفسد لغة من تلک اللغات , ولا یثیر عاطفة الحنان والإشفاق علیها ,بل ما ازدادت لغاتهم بهذا إلا طلاوة ویسرا , بل تکاد هذه الطریقة تجری عند الأممالغربیة عامة لتکون الألفاظ الغریبة عن لغتهم برهانا عن سعة مدارکهم , ورحبصدورهم لکل نافع وکل مفید , ولتکون دلیلا علی مصدر المسمی ومذکرة بجزء منترجمته ."