خلاصه ماشینی:
"وقد استعمل بعض الکاتبین من الفریقین الهجر والسباب ، والتنابز بالألقاب ،فکانوا فیه سواء ، إلا ما هو من صناعة البلغاء ، ولکن القبط تطلب أن یعتذر لهاالجمیع عن الأفراد ، وهی لا تعتذر للجمیع عما تقول بلسان الجمیع ، فإذا قلنا : إنالفریقین قد تعادلا فی الإهانة فتساقطا ، فلیس لأحد حق فی ذلک علی آخربقی معنا أنه لیس فی البلاد وطنیة حقیقیة ، وأنه لا یزال یغلب علی الفریقین نزعةالرابطة الدینیة ( وإن تنصل من ذلک کل منهما ) وأن هذه الحرکة أضعفت ما قامبعض الأحزاب والأفراد من الدعوة إلی المساواة والاتحاد ، وأن القبط أعرق فیالنزعة الملیة ، وأبعد عن حقیقة الوطنیة ؛ إذ من مقتضی الوطنیة أن لا یطلبوالأنفسهم شیئا من حیث هم قبط, وأن لا یسموا أنفسهم أمة ، وأن لا یتعصب بعضهملبعض فی المصالح والأعمال ، کما یعرف کل أحد منهم الآن ، وأن یرضوا بماتختاره الحکومة من التدریج فی نقل البلاد من حال إلی حال ، أو یکتفوا ببثرغائبهم إلی وزیرهم الناصح لهم ، الغیور علیهم ، المتفانی فی ترقیتهم ، وهو لا یدعفرصة یتمکن فیها من إعطائهم حقا جدیدا إلا وینتهزها انتهازا ، ویجعلها سیفا فی یدهلا عکازا .
وأما الثانی , فإذا فرضنا أن حکومة مصر خرجت عن کونها إسلامیة , والبلادعن کونها دار إسلام فمن السیاسة والحکمة فی الإدارة أن لا یکون القبطی الآنمدیرا فی مدیریة فیها مئات الألوف من المسلمین , ولیس فیها إلا آحاد الألوف أوالمئین من القبط , وأن ینتظر فی ذلک تکون الوطنیة الحقیقیة التی تمتزج فیهاجمیع العناصر المصریة ، فلا ینزع أحد منها إلی الامتیاز بجنسه ونسبه ، ولا بدینهومذهبه ، فإن استعجلنا فجعلنا القبط مدیرین لأمور المسلمین ، والحال علی ما نعلممنهما أو ما یدعی کل منهما - فإننا نکون قد أثرنا العدوان ، وأرثنا الأضغان ،ووضعنا فی طریق الوطنیة سدا لا یدک ولا یظهر ، وعقبة لا تزول ولا تقتحم ، أوقدمنا النتیجة علی المقدمات ، وطلبنا الثمرة قبل خروج الشجرة ."