خلاصه ماشینی:
"هذا وإن الخامسة والعشرین هی السن التی تکمل بها بنیة الإنسان ، وتتم قویالأبدان ، ولکن لم یکد یبلغ المنار سن الشباب ، إلا وکان منشئه قد شاخ وشاب ،ونحمد الله أن کان وقع الشوائب الذی شیب الرأس ، لم یشیب العزم والبأس ، ولمیشب الهمة بشائبة من الیأس ، علی أن أسبابه من جهة الناس أکثر ، وبما یوسوسبه الخناس أکبر ، وإنما الإیمان والیأس ضدان لا یجتمعان ، والتجارب والوهنخصمان لا یتفقان ، فقد ثبت المنار علی دعوته ، التی وضعناها له فی أول نشأته ،فکلما وسوس إلی شیطان الیأس : ألم تر إلی سوء حال المسلمین ، وتسللهم أفراداوجماعات من هدایة الدین ، وجمود علمائهم ، وخمود زعمائهم ، وفساد أمرائهم ،وشح أغنیائهم ، وضعف صلحائهم ، وغباوة دهمائهم ، وموت هممهم ، وتفرقجماعاتهم ، وتعدد جنسیاتهم ، وعدم الرجاء فی صلاح أمرهم ، وشد أزرهم ,صاحت به آیات القرآن ، وما یشهد لها من عبر الزمان ، وتکاثر الإخوان ، فنکصعلی عقبیه ، وخنس یضرب أصدریه ،ما اعتن لی یأس یناجی همتی ...
(18) أی : من استذل خلفاءهم وکبراءهم ، واستباح أموالهم وأعراضهم ، وخرب عمرانهم , یقال : لحا الشجرة لحوا ولحیا ، والتحاها إذا أزال قشرتها , ویستعار لأشد الإرهاق والتخریب ، وفیه إشارة إلی حدیث : (یا معشر قریش أنتم أهل هذا الأمر ما لم تحدثوا فإذا غیرتم بعث الله علیکم من یلحاکم کما یلحی القضیب) رواه أحمد و أبو یعلی بسند رجاله ثقات وفی آخر : (فإذا فعلتم ذلک سلط الله علیکم شرار خلقه فالتحوکم کما یلتحی القضیب) وحدیث : (إن أول من یسلب أمتی ملکهم وما خولهم الله بنو قنطوراء) وأورده الحافظ فی الفتح بلفظ : (أن بنی قنطوراء أول من یسلب أمتی ملکهم) قال : وهو حدیث أخرجه الطبرانی من حدیث معاویة ، والمراد ببنی قنطوراء الترک ثم قال : وکأنه یرید بقوله : أمتی ."