خلاصه ماشینی:
"بدأ ساسة أوربة وأساتذتها ینفثون سم العصبیتین الدینیة والجنسیة فیالشعوب الأوربیة المسیحیة العثمانیة : کالیونان والصرب والرومان والبلغار حتینهضوا بهما إلی طلب استقلال بلادهم وساعدتهم الدول الأوربیة علی ذلک حتینالوه ، ثم طفقوا ینفثون هذا السم فی أرواح سائر الشعوب العثمانیة عامة ، وعصبةالجنس واللغة فی شعب الترک خاصة ، حتی صار المتعلمون من هؤلاء أشد کراهةللسلطنة العثمانیة من الروم والأرمن فیها ، فطفق بعض هؤلاء الترک الذین لقبواأنفسهم بالأحرار یسعون لإسقاط هذه الدولة العظیمة ؛ لیبنوا من أنقاضها دولة ترکیةمحضة , یکرهون جمیع أهلها علی قبول الجنسیة الترکیة , وما تعذر تتریکه منهایجعلون بلادها مستعمرة للترک ، ولم یکتفوا ببقاء السلطنة کلها والرضا بما لهم منالامتیاز فیها بکون لغتهم هی الرسمیة لها ، وشعبهم هو الشعب الممتاز فیهما بلغته ,وبحصر الملک والخلافة فی بیت من بیوته وبجعل العاصمة فی بلاده .
ثم صرحت الحکومة بفصل الدولة من الدین ، وجعل الحکومة بمعزل منالخلافة ، وسموا عبد المجید أفندی بن السلطان عبد العزیز خلیفة , ثم أقاموا لهحفلة سموها حفلة المبایعة , بأن مر أمامه الکبراء والوجهاء والعلماء مسلمین ،وذهب إلی صلاة الجمعة باحتفال جمیل ، ولکن لم یقل له أحد : بایعتک علی السمعوالطاعة ، ولا علی السنة والجماعة ؛ إذ لا أمر له فیطاع ، بل قرروا التصریحبجعل حکومتهم جمهوریة وبفصل الخلافة منها ، فهنأ الخلیفة رئیسها مصطفی کمالباشا بها ، مقرا له علیها ، داعیا لهم بالتوفیق فیها ، ولم یسم خلیفة إلا بعد إقرارهورضاه بإبطال مسمی الخلافة وتحلیته بلفظها ، وماذا فعل غیره من المسلمین ؟ضجت أکثر البلاد الإسلامیة لهذه المبایعة بالتهلیل والتکبیر والفرح والسرور ،وتجاوبت أسلاک البرق من أقطار العالم الإسلامی بتهنئة ( الغازی مصطفی کمالباشا بطل الإسلام ) بإحیائه لسنة الخلفاء الراشدین , فی إقامة کل من الدولةوالخلافة علی أساس الشوری ، وبالمبایعة لعبد المجید أفندی بالخلافة الکبریوالإمامة العظمی ، وتلقیبه بأمیر المؤمنین ، وخلیفة رسول رب العالمین ،وبالسلطان الأعظم ، وبحامی الحرمین الشریفین ."