خلاصه ماشینی:
"قال الحافظ بعد نقل هذه العبارة عن الأصل : ( قلت ) هذا جمیع ما له فیالبخاری , ولیست هذه روایة عنه فالعجب من المؤلف کیف یرقم له رقم البخاریفیوهم أنه أخرج له إلخ : یعنی أن ذکر صاحب التهذیب رقم البخاری وهو حرف( خ ) عند اسم کعب غلط , وقد صرح الحافظ الذهبی فی الطبقات بأنه لیس له شیءفی صحیح البخاری وغیره ، والمنتقد یبدئ ویعید ذکر روایة البخاری عنه وتوثیقهله , وأقول : إن قول معاویة : إن کعبا کان من أصدق المحدثین عن أهل الکتاب , وأنهم مع ذلک اختبروا علیه الکذب- طعن صریح فی عدالته وفی عدالة جمهور رواةالإسرائیلیات إذ ثبت کذب من یعد من أصدقهم , ومن کان متقنا للکذب فی ذلکیتعذر أو یتعسر العثور علی کذبه فی ذلک العصر , إذ لم تکن کتب أهل الکتابمنتشرة فی زمانهم بین المسلمین کزماننا هذا , فإن توراة الیهود بین الأیدی , ونحننری فیما رواه کعب ووهب عنها ما لا وجود له فیها البتة علی کثرته ، وهی هیالتوراة التی کانت عندهم فی عصرهما ، فإن ما وقع من التحریف والنقصان منهاقد کان قبل الإسلام ، وأما بعده فجل ما وقع من التحریف هو المعنوی بحمل اللفظعلی غیر ما وضع له واختلاف الترجمة ، ولا یعقل أن تکون هذه القصص الطویلةالتی نراها فی التفسیر والتاریخ مرویة عن التوراة قد حذفت منها بعد موت کعبووهب وغیرهما من رواتها ، فهی من الأکاذیب التی لم یکن یتیسر للصحابةوالتابعین ولرجال الجرح والتعدیل الأولین العثور علیها ، وکذا علماء القرونالوسطی من المحدثین وغیرهم إلا من عنی عنایة خاصة بالاطلاع علی کتب العهدالعتیق والعهد الجدید عند أهل الکتاب , وعلی التواریخ المفصلة لأخبارهم وقلیل ماهم , وقد کان مثل البخاری من جهاندة المنقول ومثل الفخر الرازی من جهاندةالمعقول یظنان أن جمیع تحریف أهل الکتاب معنوی ؛ لأن تغییر أهل الملة لکتابهاالدینی غیر معقول إذ لابد من أن یکون بالتواطؤ وإجماع الأمة ، وسبب هذا أنهؤلاء العلماء لم یکونوا یعلمون أن الیهود لم یکن عندهم من التوراة فی الصدرالأول من تاریخهم إلا النسخة التی وضعها موسی - علیه السلام - فی صندوقالعهد ( التابوت ) وأنها فقدت بعد ذلک ولم یکونوا یحفظونها ، وأن ما عندهم الآنیرجع إلی ما کتبه لهم ( عزرا ) بعد السی ولذلک تکثر فیه الألفاظ البابلیة ، وهمیزعمون أنه ألهم الصواب فیما کتب إلهاما .."