خلاصه ماشینی:
"وقبل الانتهاء من تمثیل دور الاتفاق بینهم وبین ممثلی الحرکة السیاسیة منالعرب فی العاصمة ( وفی مقدمتهم أصدق أخلائنا ، وأشعری سیاستنا : السیدالزهراوی , ویافعة شبابنا : عبد الکریم الخلیلی ) اشتعلت نار الحرب الأوربیةالکبری ، ولم یلبثوا أن أصلوا الدولة العثمانیة سعیرها ، وأحرقوها بشرر شرورها ،وفی أثنائها اختاروا لقیادة فیلق سوریة ( منبت النهضة العربیة ) أشد زعمائهم قسوةوأغلظ قوادهم قلبا وأضراهم بسفک الدماء : أحمد جمال باشا الذی نکل بخصومهمالائتلافیین فی العاصمة ذلک التنکیل الفظیع ، ومنحوه السلطة المطلقة ، فخادع أهلالبلاد أولا بإظهار المیل إلی العرب ، والرغبة فی مساعدة النهضة العربیة ، وجعلهاعونا وظهیرا للنهضة الترکیة ، تأییدا لما یضمهما من الجامعة الإسلامیة ، وما زالیفتل منهم فی الذروة والغارب ، إلی أن عرف أصحاب الأفکار الدینیة والفصاحةالمؤثرة ، وأولی المبادئ الثابتة والعزائم الصادقة ، ثم فی الخدمة إلی أن الجیوشمن البلاد ، وقذف ببعضها جیوش الروسیة فی حدودها الزمهریریة ، وألقی بالبعضالآخر فی أتون ملحمة الدردنیل الکبری ، ومکن لنفسه فی البلاد - بعد هذا کلهبطش تلک البطشة الکبری تقتیلا وتصلیبا للأفراد النابغین ، وتشریدا وتغریباللأسر والبیوتات وللأغنیاء والوجهاء ، وتلا ذلک نکبة المخمصة المجتاحة ،فی إثر المصادرات الکثیرة للأموال الناطقة والصامتة حتی أکل الناس الأقذاروالجیف ، بل أکلت الأمهات أولادها ، وهو یری ویسمع ویتمتع ویفسقویفجر وینهی ویأمر ، وفعل أقرانه وأقناله فی العراق نحوا مما فعل فیسوریة ، فأیأسوا الأمة العربیة من الدولة العثمانیة ، واضطروها إلی إعلان الثورةفی البلاد الحجازیة ، فکانت من أسباب تقلیص ظلها عن رؤوسهم ، وزوال سلطانهامن بلادهم ، ولکنه سبب اضطراری ، لا مقصد اختیاری وإنما کان القصد حیاةالعرب بالحریة والاستقلال ، لا إماتة الترک بأیدیهم ، ولا إماتة أنفسهم تحتأرجلهم ، ولا مجال فی هذا التمهید للإشارة إلی شیء من وصف هذه الثورة ، ولابیان ما عرفنا منها وما أنکرنا ، وإنما نختمه بأن الحرب العامة انتهت باحتلالجیش الثورة مع جیوش الحلفاء للبلاد السوریة ، وبعد مرور بضعة أشهر علیاستقرار الاحتلال وتبدل الأحوال ، تیسرت لنا الرحلة الثانیة إلی هذه البلاد ،وسنبین ما نری فیه الفائدة والعبرة مما رأینا وسمعنا فیها ، وموعدنا الأجزاء التالیةمن المنار ."