خلاصه ماشینی:
"ولا یهم بحثنا أن تکون حواء مخلوقة من طینة آدم علی قانون تخلیقه ، أو من جزءمن أجزائه بعد انتقاله إلی الطور الإنسانی ، کما لا یهم العقل أیضا هذا البحث ؛لأن بدایة العالم من الغیب المحض ، فلا سبیل إلی الوصول إلی الغیب من طریقالمشاهدة والتجارب المادیة ، ولا من طریق البحث والاستنتاج ؛ لأن الغیب المحضلا یکون الاستنتاج فیه أکثر من حدس وتخمین ، وإذا لا یمکن الوصول إلی معرفةالإنسان الأول خلقا وتعلیما إلا من طریق الحق ، طریق الوحی المنزل علی الأنبیاءالمؤیدین بالمعجزات ، ولقد أعلمنا الله تعالی علی لسانهم رحمة منه بنا ؛ حیث لمیترکنا حیاری فیما یمسنا ، ونعجز عن الوصول إلیه بعقولنا ، أن آدم علیه السلامأبو البشر ، وأنه خلقه من طین ومن صلصال من حمأ مسنون .
تبین أن اختلاف التشریع باختلاف العصور المتطاولة ضروریلإصلاح البشر ، وأن التشریع المتقدم لا یصلح فی تفصیله للزمان المتأخر ؛ لأنالتشریع إذا لم یکن وفق الاستعداد وطبق الحاجات ضاع وضاعت معه حکمته ، ولوأن أصحاب الأدیان جمیعا تجردوا عن الشهوات والتنافس فی الدنیا ، وبحثوا عنطریق الله الواضحة وعن الحق ؛ لیصلوا إلی الله علی الوجه الذی دعاهم به ، لو أنهمفعلوا ذلک لاهتدوا إلی قانون نظام النشوء والارتقاء فی الأدیان السماویة ، کمااهتدی إلیه المادیون فی القوة والعناصر المادیة ، ولأصبح من المسلمات فی عقولالبشر ومتعارف حیاتهم أن شریعة نوح لا تصلح لقوم إبراهیم ، وأن شریعة موسیوعیسی لا تصلح لزمان محمد ، وأن أوضح دلیل علی ذلک أن الیهود والنصاری لا یسیرون علی المسیحیة ولا علی الیهودیة لا من قرب ولا من بعد ، وأن أصحابهاتین الدیانتین فی العالم انقلبوا مادیین أکثر من الطبیعیین ."