خلاصه ماشینی:
"ولکن فی عودة إلی علم الفقه ، ما هو المنهج الفقهی المقترح فی ضوء الرؤیة الواسعة التی تفضلتم بطرحها ؟ الجواب : فی الواقع ـ وکما تفضلتم ـ نحن حاولنا أن نوسع دائرة الإشکالیة أکثر مما هو فی مفروض سؤالکم ؛ والذی أتصوره هو أنه لابد ـ مبدئیا ـ من تعریف الفقه الذی نقصده ، فهل المقصود منه الفقه الذی یؤمن لنا کل متطلبات الحیاة الإنسانیة ، أو الفقه الذی یؤمن المتطلبات الفردیة ؟ وهذا ما یصطلح علیه سیدنا الشهید الصدر قدسسره بالفقه الاجتماعی والفقه الفردی ، وفی تصوری أن مقصود سیدنا الاستاذ أوسع من هذا ؛ إذ لیس مراده البعد الاجتماعی خاصة ، إنما مراده ما هو أوسع من ذلک ، کالبعد السیاسی ، والاجتماعی ، وفقه العلاقات الدولیة ، وفقه الطبیعة ، وفقه علاقة الإنسان بالطبیعة ، وغیرها من المسائل .
والفقه أیضا غیر مستثنی من ذلک ؛ فإن للفقه قواعده الخاصة فی عملیة الاستنباط الفقهی ، فعندما یرید الفقیه أن یستنبط مسألة وحکما شرعیا لواقعة معینة یوجد عنده نوعان من العناصر ـ کما عبر السید الشهید ـ : عناصر مختصة بتلک المسألة ، وعناصر مشترکة أو موجهات عامة تجری فی هذه المسألة وفی غیرها ، من قبیل حجیة خبر الواحد ، ومن قبیل حجیة الظواهر ، ومن قبیل الاستصحاب ، والبراءة ، ونحو ذلک ، وهذا ما نعبر عنه بعلم الاصول ، وهو لیس علما آخر فی قبال علم الفقه کما اعتقده ؛ إذ لیس عندنا أکثر من علم واحد وعملیة واحدة ؛ هی عملیة استنباط الحکم الشرعی ، ولکن عندما نأتی إلی هذه العملیة نجد أن فیها نوعین من العناصر والموجهات : موجهات نعبر عنها بالمشترکة ، وموجهات مختصة ، فصار عندنا علمان ، وهذا هو الذی سبب حصول اللبس عند بعض الأعلام ؛ حیث تصور أنه یوجد هناک علمان لکل منهما موضوع ومحمولات ، ولیس الأمر کذلک ، وإنما العلم المصطلح علیه بعلم الاصول هو جزء من عملیة الاستدلال للحکم الشرعی واستنباطه ."