خلاصه ماشینی:
"وإنما الکلام فی حالة ثالثة هی المتعارفة خارجا ، وهی أن العربون یدفع لیکون قسطا من الثمن أو الاجرة علی تقدیر تمامیة الاتفاق ، ویکون بدلا عن الفسخ إذا أراد صاحبه أن یتخلف فلا یشتری أو لا یوءجر ، کما أن المالک إذا رجع عن قراره لا بد وأن یرجع العربون مع خسارة مقداره للمشتری ، فهل یجوز أخذ العربون علی هذا الوجه أم لا ؟ ویمکن أن یستدل علی عدم الجواز بوجوه : الوجه الأول : أنه أکل للمال بالباطل ، فیشمله النهی الدال علی بطلان تملکه ؛ إذ المراد بالباطل فی الآیة ـ «ولا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل إلا أن تکون تجارة عن تراض»( (12) ) ـ کل تملک وأخذ للمال من دون ما بإزاء ومقابل مع عدم کونه تملیکا مجانیا من قبل مالکه ، ولهذا طبق عنوان الباطل فی الروایات( (13) ) علی السرقة والقمار والربا ، فإن الأخذ فی کل ذلک یکون أخذا بالباطل ، لأنه بلا إذن وتملیک من المالک مجانا ، ولا فی قبال عوض لیکون تجارة .
وثانیــا : لو تنزلنا عما ذکرناه فغایة ما تفیده الصحیحة بطلان أخذ المال بإزاء الإقالة والفسخ ولو بنحو الاشتراط من أول الأمر ، وأما إذا کان العربون بإزاء التعهد بالانتظار والامتناع عن البیع أو الإیجار من أحد غیره إلی المدة المعینة ـ والذی تکون له مالیة عرفا ، ویکون مضمونا علی المتعهد إذا لم یقدم فی الوقت المقرر علی البیع أو الإیجار ـ فلا یکون مثل هذا مشمولا للصحیحة جزما ، لا بالإطلاق اللفظی کما هو واضح ، ولا بإلغاء الخصوصیة والتعدی العرفی ؛ لأن العرف یری نوع خسارة للمالک فیما إذا تخلف المتعهد له ، بل یری أن التعهد والامتناع المذکور له قیمة ومالیة تستوفی بالجامع بین تنفیذ البیع أو دفع العربون ."