خلاصه ماشینی:
"ولأجل المزید من اتضاح المطلب یمکن القول بأن القیمة الواقعیة للفائدة عبارة ـ تقریبا ـ عن القیمة النقدیة المسماة لها بعد تعدیلها بمعدل التضخم ، وبالرغم من أن أداء فائدة الودائع فی اقتصاد السوق یتم التعهد به ضمن قیمة معینة ، لکن مع الأخذ بعین الاعتبار عدم التعین المسبق لمعدل التضخم فإن تعیین میزان الفائدة الواقعیة من قبل یعد أمرا غیر ممکن من الناحیة العملیة ، وعلیه فـ « الناتج الثابت أو المعین من قبل » [ = الربا ] یمکن تصوره فقط فی المجتمعات ذات الاقتصاد المعیشی التقلیدی ، ذلک أن التغییرات فی القیم النسبیة وکذلک فی مستوی القیم ـ حتی فی مدة طویلة ـ أمر لا وجود له أساسا فی هذه المجتمعات ، وذلک بسبب وقوع العلاقات التبادلیة النقدیة علی هامش الأنشطة الإنتاجیة الرئیسیة وبطء التحرک الاجتماعی والاقتصادی ، وکذلک البطء الشدید جدا فی التحولات الفنیة والتکنولوجیة ، وفی هذه الظروف فقط یتحد کل من الناتج المسمی والواقعی للنقد ، ویتخذ تعریف الربا لنفسه معنی ، اما فی النظام الاقتصادی المبنی علی السوق والذی تکون فیه القیم نسبیة فإن المیل النهائی للادخار والناتج النهائی لرأس المال یقعان دائما عرضة للتغیرات وذلک بسبب تبدل میول وطبائع المستهلکین والحرکة الشدیدة لعوامل الإنتاج والتحولات الفنیة والتکنولوجیة السریعة ، وهو ما یؤدی إلی عدم إمکانیة تحقق معاملة مالیة ذات ناتج ثابت أو معین من قبل ، إن القیم وکافة المتغیرات الاقتصادیة فی الأنظمة الاقتصادیة الجدیدة تمثل حصیلة نشاط قوی السوق فی مرحلة أسبق ، وبناء علیه فحتی لو بلغ معدل التضخم الصفر فلیس ثمة ضمانة تحدد کیف ان المتغیرات الاقتصادیة ـ ومن بینها قیمة الفائدة الواقعیة ـ یمکن أن تکون معلومة للمستقبل ، صحیح انه مع معدل صفر للتضخم تثبت القدرة الشرائیة للنقد بصورة وسطیة ، بید انها ـ ومع الأخذ بعین الإعتبار نسبیة القیم وکذلک الأسباب التی أشرنا إلیها آنفا ـ فی حال تغیر لا محالة ، والقدرة الشرائیة للنقد تخضع هی الاخری للتغیر عملیا فی کل سلعة سلعة ، وذلک کله فیما « الناتج الثابت أو المعین سلفا » یستلزم بقاء ثبات القدرة الشرائیة للنقد » ( (13) ) ."