خلاصه ماشینی:
"قد ینبری البعض،فیقولون:إن المخاطب-أولا -هنا هم أهل الکتاب فقط،لا کل الناس،ثم أنه لم یأت فی هذه الدعوة سوی مادتین،و لذا فلا یمکن أن نجعلها مبنی للحقوق العالمیة للإنسان،الا أن جواب هذا القول ان هذه الآیة تطرح عنصرین مشترکین بین أهل الإسلام و أهل الکتاب،یعتقد بهما الطرفان و یبینان بالتالی اقترابهما من الوحدة،و إذا کانت المدارس و الأقوام و الشعوب الأخری أیضا تتبع هذین العنصرین الجامعین فان الآیة ستشملهما أیضا،أما حول العنصرین المشترکین فنقول:ان الله تعالی جعل هاتین المادتین(العبودیة الله،و الخلاص و التحرر من قیود العبودیة و التسلیم أمام الآخرین) کلمة و حقیقة مشترکة بین کل الناس المعتقدین بالأنبیاء و العاملین بالکتب السماویة،و اذا رکزنا قلیلا علی هاتین المادتین فاننا سنصل من خلالهما الی کل المواد الحقوقیة العالمیة،فإذا وفق الإنسان لعبودیة الله،و نفی الشرک،و خلص نفسه من قیود الأسر و الرق،ثبتت له حیثیته و قیمته الإنسانیة الذاتیة، و اذا تحققت الحیثیة و القیمة الذاتیة لأفراد الإنسان فستتوضح تماما ضرورة الحریة و السلام و الصفاء، و بوضوح هذه الضرورة سیسعی للوصول الی ذلک، و إحدی الخطوات علی هذا السبیل هی وضع و تنظیم مواد الحقوق العالمیة لکل الأفراد و المجتمعات.
و علی هذا فان الإعتقاد بأن المواد الثلاثین للإعلان العالمی لحقوق الإنسان هی أمور جدیدة، لیس صحیحا بالمرة،کما أننا أشرنا الی أن فکرة إصلاح العلائق الإنسانیة فیما بین الأفراد قد نمت اما مباشرة أو غیر مباشرة فی أذهان الناس المتکاملین، و کانت موجودة علی الدوام لدیهم و لتوضیح هذه المسألة یجب ان أقول: إن العقل المتکامل مطلع علی الهویة و الخصائص المادیة و الروحیة للنوع الإنسانی،و هو یدرک أن دفع التسلط المدمر و الظلم و الجور عن أفراد النوع و تحقیق الحریة و العدالة لهم،یوجد فی نفسه-هو-نشاطا روحیا شدیدا یسببه ارتفاع المسؤولیة الضخمة عن کاهله و اداء الواجب الذی کان یحس به فی أعماقه،و ذلک قبل أن یؤدی رفع الحیف المذکور الی بعث الفرحة فی نفوس أولئک المظلومین."