خلاصه ماشینی:
"والمراد بوضع هذه الروایة: إضفاء هالة من القدسیة علی معاویة, تجعله جدیرا بإمامة المسلمین, علی الرغم من أنه لا سابقة له فی الإسلام, بل کان هو وأبوه من أعمدة الکفر الذین حاربوا نبی الإسلام بلا هوادة, ولم یسلما إلا مضطرین عام الفتح, وکانا من الطلقاء, ومن المؤلفة قلوبهم بالأموال التی یعطیها لهم رسول الله‘ علی أمل أن یحسن إسلامهم.
والظاهر من اعترافات بعض الزنادقة: أنهم أکثروا من وضع الأحادیث فی باب الأحکام, من أجل حرف المسلمین سلوکیا, ومن أدلة ذلک: ما أقر به عبد الکریم بن أبی العوجاء الذی قتل بجریمة الزندقة, فقد قال عندما أخذ لتضرب عنقه: «لقد وضعت فیکم أربعة آلاف حدیث أحرم فیها الحلال وأحلل فیها الحرام»( 128 ).
خامسا: دافع الأغراض الشخصیة وهذا الدافع یتمثل بوضع الأحادیث الکاذبة علی رسول الله‘ من أجل الحصول علی المنافع الدنیویة الزائلة, وکان أعظم الناس فی ذلک بلیة القراء المراؤون والمستضعفون الذین یظهرون الخشوع والنسک, فیفتعلون الأحادیث؛ لیحظوا بذلک عند ولاتهم ویقربوا مجالسهم, ویصیبوا به الأموال والضیاع والمنازل, حتی انتقلت تلک الأخبار والأحادیث إلی أیدی الدیانین الذین لا یستحلون الکذب والبهتان, فقبلوها ورووها, وهم یظنون أنها حق, ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدینوا بها( 135 ).
ولأجل ذلک: اهتم النبی‘ والأئمة المعصومون^ وعلماء المسلمین بتأسیس مناهج لنقد الروایات الناقلة للحدیث الشریف, بغیة إحراز صدور مضامینها عن النبی‘ وأئمة أهل البیت^ واقعا, أو إحراز عدم صدورها عنهم, وقد تمخضت الجهود المبذولة فی هذا المجال عن منهجین فی نقد الحدیث: أولهما: منهج نقد السند, أو منهج النقد الخارجی للروایة, وهو: ما یبحث فیه عن إحراز صحة سند الروایة أو ضعفه من طریق معرفة أحوال رواتها من حیث ثبوت اتصافهم بالعدالة أو الوثاقة, أو عدم ثبوته."