خلاصه ماشینی:
"بدایات التطور أو التوسع فی الهدف: وبعد أن سقط الحکم الإسلامی علی أثر غزو الکافر المستعمر لهذه البلاد لم یعد هذا العزل مختصا بحرکة الاجتهاد عند الإمامیة بالخصوص، بل لقد شملت عملیة العزل السیاسی ـ التی تمخض عنها الغزو الکافر ـ الإسلام ککل والفقه الإسلامی بشتی مذاهبه، واقیمت بدلا من الإسلام قواعد فکریة اخری لإنشاء الحیاة الاجتماعیة علی أساسها، واستبدل الفقه الإسلامی بالفقه المرتبط حضاریا بتلک القواعد الفکریة، وقد کان لهذا التحول الأساسی فی وضع الامة أثره الکبیر علی حرکة الاجتهاد عند الإمامیة ؛ لأن حرکة الاجتهاد هذه أحست بکل وضوح بالخطر الحقیقی علی کیان الإسلام والامة من المستعمر الکافر ونفوذه السیاسی والعسکری وقواعده الفکریة الجدیدة، وقد صدمها هذا الخطر العظیم بدرجة استطاع أن یجعلها تتمثل الکیان الاجتماعی للامة الإسلامیة وتنفتح علی الإیمان بصورة المقاومة ودفع الخطر بقدر الإمکان، وقد أحست حرکة الاجتهاد خلال المقاومة إحساسا بأن الجانب الفردی من تطبیق النظریة الإسلامیة للحیاة مرتبط کل الارتباط بالجانب الاجتماعی منه ؛ إذ بدأ الجانب الفردی ینهار شیئا بعد شیء بسبب انهیار الجانب الاجتماعی.
وما دامت الامة فی حالة الارتقاء، وقد بدأت تعی الإسلام بوصفه رسالتها الحقیقیة فی الحیاة، والتقت بحرکة الاجتهاد عند الإمامیة ضمن هذا المفهوم الرسالی الشامل للإسلام، فمن الطبیعی التأکید علی أن التطور فی الهدف الذی تتبناه حرکة الاجتهاد واتساع هذا الهدف لمجالات التطبیق الاجتماعی للنظریة سوف یستمر ویبلغ أقصاه تبعا لنمو الوعی فی الامة ومواصلة الحرکة لخطها الجهادی فی حمایة الإسلام، ولکی نتنبأ فی ضوء ذلک بالاتجاهات المستقبلة للاجتهاد والتی سوف تنجم عن التطورات فی الهدف لا بد أن نرجع إلی ما قبل بدایات هذا التطور لندرس الآثار التی عکسها الانکماش فی الهدف الذی عاشته حرکة الاجتهاد وما أدی إلیه هذا الانکماش من اتجاهات فی حرکة الاجتهاد لنستطیع أن ندرک الاتجاهات المستقبلة التی سوف تحل محلها حینما یستکمل التطور أو التوسع فی الهدف أبعاده المنظورة."