خلاصه ماشینی:
"أما فی النظام المارکسی، فإن دوره فی عملیة الإنتاج هو الوسیلة التی تخدم النظام وتوصل وسائل الإنتاج، ولو بشکل مصطنع، إلی المرحلة المطلوبة حسب المادیة التاریخیة المبتدعة لتبریر هذا النظام، ولذا، فإن العامل من الناحیة النظریة فقط، له الحق من الإنتاج بمقدار ما منحه بعمله من فرق فی القیمة التبادلیة الجدیدة، شأنه فی ذلک شأن بقیة وسائل الإنتاج.
وإذا ما أفاد المذهب المارکسی فی شیء، فإنه مما لاشک فیه قد أفاد المذهب الحر فی البلدان الصناعیة ذاتها، وجعلها تغدق بعطاءاتها علی العمال لتسد الطریق الذی یمکن أن تنفذ منه الشیوعیة وما إن زال خطر ثورة العمال المرتقبة بزوال خطر الشیوعیة، حتی کشرت الحقبة المسیطرة علی القطاعات الإنتاجیة الرأسمالیة عن أنیابها، وأخذت بنزع العمال الضمانات الاجتماعیة التی منحهم إیاها النظام، وتفننت بألوان التسریح التسعفی، والأدوات التکنلوجیة الحدیثة التی تستغنی أکثر فأکثر عن العمال (فالتکنولوجیا الحدیثة المتطورة هی بالدرجة الأولی ذات هدف سیاسی ، الغایة منه تقلیص دور العمال وحجمهم وسرقة حقوقهم).
! ومن استعراض المشاکل والحلول التی طرحها النظام المذکور، وفرضها علی العالم ، والنتائج التی آلت إلیها نری: أنه نادی بنظام الحریة المطلقة من کل حدود، معتبرا أن مصلحة الفرد دون رقابة ولا توجیة ، تتوافق مع مصالح المجتمع، وأنها أکبر قوة دافعة لزیادة الإنتاج ومضاعفة الثروة الاجتماعیة، وأنها أفضل ضامن لتحقیق إنسانیة الإنسان وکرامته الشخصیة...
مما لاشک فیه أن المبالغة فی التطرف التی وصل إلیها هذا النظام، سوف تقضی علی النظام ذاته بذاته ، فبذور انحلاله أخذت تترعرع فیه، وهاهی الأنظمة المتفرعة عنه تتساقط تباعا، فلجوء الناس إلی المضاربات بالأسهم والعملات بدلا عن الإنتاج لکساده وللحصول علی أرباح ولو بالقیود - أدی الی الانفجار الرهیب بفقاعاتها منذ عام 1997، ابتداء من النمور الآسیویة، إلی الأعجوبة الیابانیة إلی کبریات الدول الاشتراکیة منذ أن بزغ فیها أول شعاع من الحریة."