خلاصه ماشینی:
"وهذه العوامل متغیرة من مفکر لآخر، الأمر الذی یؤدی إلی بروز نوع من الاختلاف بین النتاجات الفکریة، فإن عملیة الاستنباط هذه أو الفهم هی الحیز البشری فی الفکر الإسلامی، وبالتالی فالتجدید الفکری یتأثر بمجمل هذه الحقائق؛ لأنه غایة المفکر التی یستخدم من أجل الوصول الیها فهمه للأصول المقدسة وللواقع أیضا.
ملاحظات عامة إن وجود القواعد التی تضبط عملیة التجدید تشکل ضرورة أساسیة لا یمکن لعملیة التجدید أن تتم بدونها، وهی فی الواقع قواعد تفرضها الشریعة نفسها من خلال النصوص والثوابت الشرعیة ومن خلال ما یحکم به العقل من أسس وأصول یتفق علیها العقلاء، وعلیه فلنا هنا ملاحظات: اولا: إن التجدید لیس هدفا بذاته، أی أن التجدید لیس من أجل التجدید، بل هو وسیلة تهدف إلی تلبیة حاجات المجتمع الجدیدة وملاحقة متغیرات العصر، والإجابة علی التساؤلات الشرعیة والعقدیة الضاغطة للإنسان المعاصر، والنظر فی قضایا الواقع وتکییفها طبقا لمواصفات الشریعة، وبالتالی صیاغة المشروع الإسلامی النهضوی الذی یستوعب متطلبات الحیاة الإنسانیة فی حاضرها ومستقبلها، وتعبید طریقها للوصول إلی الآخرة.
ثالثا: إن التجدید یقوم به أصحاب الاختصاص فقط، وهو مطلب شرعی وعقلی (فاسألوا أهل الذکر إن کنتم لا تعلمون)( 156 )، (وإن تنازعتم فی شیء فردوه إلی الله والرسول)( 157 )، وأصحاب الاختصاص هؤلاء لهم مواصفات محددة شأن کل الاختصاصات الاخری، فاذا احترمنا تخصص الطبیب والمهندس والکیمیائی والفلکی وعالم الاجتماع والصحافی؛ فلابد ان نحترم تخصص المعنی بعملیة التجدید، وهذا التخصص یعنی القابلیة علی الاستنباط من مصادر التشریع وعلی محاکمة الفکر وتمحیصه، أی أن المعنی بالتجدید هو المجتهد المفکر الذی استوعب علوم القرآن تماما وفهم الناسخ والمنسوخ، والمحکم والمتشابه وأسباب النزول، إضافة إلی علوم الحدیث والرجال، وعلوم العربیة، وعلم الکلام والعقیدة وعلم الفقه وقواعده وعلم الأصول وقواعده."