چکیده:
عاش ابن نباتة في فترة الانحطاط، فاصطبغ شعره بالصبغة التي كانت عليها الأشعار في تلك الفترة، من تقليد و تكرار و استخدام ما لا يصلح أن يكون مادة في الشعر.
أما تقليده، فقد كان من كبار الشعراء، كامرئ القيس، و طرفة بن العبد، وخنساء، وحسان بن ثابت، و كعب بن زهير، و أبي تمام، والمتنبي و أبي نؤاس.
و أما التكرار، فقد ظهر في المعاني المكررة الكثيرة في ديوانه. نذكر علي سبيل المثال، المعاني المتكررة التي ذكرها في مدح الرسول (ص)، والمعاني التي كررها في مدح أمراء زمانه المختلفين.
و أما ما لا يصلح أن يكون مادة في الشعر، فهو استخدامه لمصطلحات أدبية من نحو و عروض و مصطلحات علم الحديث أو الرجال ومصطلحات صوفية.
قد استفاد ابن نباتة من القرآن والحديث معني واقتباسا، فبرز المفهوم الديني جليا في ديوانه نزولا منه عند رغبة الأوساط الأدبية والناس آنذاك، لأن المفهوم الديني كانت له منزلة، و لا بد للشاعر أن يلبي هذا الطلب، و أن يقف عند هذه الرغبة العامة، كما أنه صور لنا الجانب اللاأخلاقي في زمانه بأشعار ماجنة، و هي كثيرة في ديوانه.
خلاصه ماشینی:
وهو یأخذ من الماضی والجذور، ویستمد منه طاقاته، ثم یتجاوب مع ما یجری فی الواقع، لکن شعر هذه الفترة لم یستطع أن یلائم بین هذین الشقین؛ فقد کان أخذه واستمداده من التراث تقلیدا بحتا أفقد الشعر الابتکار والحیویة، وصارت مماشاته لواقع الحیاة تکلفا أنزل الشعر عن مستواه حتی «کان التکلیف والتقلید أظهر خصائص هذا الشعر دون الجمود الذی استولی علی القرائح، فقطع ما بینها وبین الابتکار، ووقف بالشعراء عند أسالیب المتقدمین ومعانیهم» (البستانی، د ت،ص 215).
ولقد لاحظ أدباء العصر المملوکی صعوبة الابتداع؛ لأنهم وجدوا أنهم مسبوقون إلی المعانی، لکن ذلک لم یدفعهم إلی الیأس؛ ففی المقدمة الغزلیة للمدحة النبویة نجد شعراء یذکرون معانی اعتاد سابقوهم ذکرها فی مقدمات قصائدهم المدحیة، أو فی قصائد الغزل الخالص؛ مثل: معانی الاستسقاء لماضی الزمان، والتلهف علی أحوال سالفة؛ کقول ابن نباتة: سقی الله أکناف الغضا سائل الحبا وإن کنت أسقی أدمعا تتحدر وعیشا نضا عنه الزمان بیاضه وخلفه فی الرأس یزهو ویزهر (محمد،1999م، ص 294) ومن أجل أن یعوض الشاعر عما فی شعره من ضعف فی المعنی والأسلوب، أخذ یتلاعب بالألفاظ، ویستخدم المحسنات البدیعیة، وسیلة للتغطیة علی هذا الضعف.
وبما أن المتنبی وأسالیبه الشعریة لاقت قبولا حسنا عند الأوساط الأدبیة ومن ذلک إشراک النفس فی المدیح «فلا یفوت الشاعر (ابن نباتة)إشراک نفسه فی موضوع المدح تمشیامع مذهب أبی الطیب الذی أصبح قاعدة عامة لدی الشعراء الذین جاؤوا بعده؛ فأفاد ابن نباتة من هذا الأسلوب، وجاءبه فی شعره حیث قال: وأنشدت أمداحا تقول لمن أتت مدحتک بالشعری وغیرک بالشعر (ابن نباتة، د ت، ص 198؛ نقلا عن: الأیوبی،1995م،ص 108) کما قال فی مکان آخر: أصوغ علی الدر الیتیم مدائحا أعد بها من صاغة الشعراء (ابن نباتة،د ت، ص 15) لعل ابن نباتة هو واحد من أکبر شعراء العصر اعتزازا بشعره.