چکیده:
الشيخ الرئيس ابن سينا من فحول علماء القرن الرابع للهجري. فإضافة إلي الطب والفلسفة، كان أستاذا في علوم عصره، كما كانت له يد طولي في الأدب العربي، و له منتخبات شعرية و نثرية لا بديل لها في الأدبين العربي والفارسي. سلك ابن سينا في التصوف مسلك الرمز والإشاره. فلهذا عندما نغوص في رسالة الطير أو حي بن يقظان لنخرج دررهما الثمينة، نجد أنفسنا وكأننا من أصحاب التصوف، و عندما نلقي نظرة إلي أشعاره العربية و رباعياته، نجد أنفسا كأننا في مستشفي يعمل به الأطباء دواؤهم الشعر، و إذا دخلنا كتابي الشفا و الإشارات، نلفي أنفسنا في محكمة العقل، و كأننا أطفال توسوس بنا آلاف الأوهام مثقلين نسير الهوينا وراء العقل والمنطق. حاولنا في هذا المقال أن نقتطف من بستان أدبه باقات ورود ملونة منمقة بالبديع والبلاغة واللغة والصرف والاشتقاق والأوزان الشعرية البديعة، كما نقتطف من نثره الرمزي المفعم بالرموز الصوفية. و هذا البحث سوف يقدم دراسة للتعريف بالمكانة الأدبية لشيخ الرئيس ابن سينا.
خلاصه ماشینی:
العصر الذی ازدهرت فیه الحضارة الإسلامیة العظیمة، والمفکرون الذین ظهروا فی هذا العصر کل منهم ساهم بدوره فی تطویر العلم والأدب؛ مثل: الصاحب بن عباد وابن العمید وابن فارس وأبی الفرج الأصفهانی والبیرونی وأبی الفتح البستی وأبی بکر الخوارزمی وبدیع الزمان الهمدانی الذین برعوا فی الأدب العربی، إضافة إلی تضلعهم فی العلوم المختلفة.
وعندما نصفه بأدیب ذی لسانین لعل هناک الیوم من لا یعیر هذه الصفة اهتماما، ولکن عندما ندقق النظر فی القرن الرابع الهجری، القرن الذی قد بلغ الأدب العربی فیها ذروة النمو والرقی؛ حیث کانت لغة العلم والفن والثقافة آنذاک؛ ومن ناحیة أخری، لم تترعرع اللغة الفارسیة بعد، وکانت قاصرة عن التعبیر عما فی ضمیر العلماء الإیرانیین، فلا الشعر کان سلسا محبوکا ولا النثر علمیا، ففی مثل هذه الظروف لیس من السهل قول القصائد الفارسیة السلسة الرصینة أو القصائد العربیة بالأسالیب والأوزان المختلفة، الأمر الذی قام به الشیخ الرئیس ابن سینا.
إضافة إلی أن مؤلفات ابن سینا وإن کانت باللغه العربیة، ولکنها من منظار أدیب عربی تعتبر عملا ممیزا، ویبدو أن فحول أدباء العرب یرون فی مؤلفات الشیخ ممیزات تدل علی نقلة علمیة هامة فی الشعر العربی، والمتضلعون بالأدب الجاهلی والأموی والعباسی یعرفون أن غیر قلیل من الأشعار لها طابع إسلامی وإیرانی.
ویبدو أن الشعراء العرب ومن قال الشعر بالعربیة إلی عصر ابن سینا لم یذکر تمثیلا علی هذا النمط.
النتیجة بناء علی هذه الدراسة، یمکن أن نقول: إن الشیخ الرئیس أبا علی بن سینا لم یکن عالما وفیلسوفا فحسب، بل إضافة إلی علمه وفلسفته کان أدیبا ذا باع فی الأدب.