ملخص الجهاز:
"من الواضح أن الامور العادیة التی تسالم علیها أبناء البشر کلها تستند الی أسباب طبیعیة و حیققیة من خلال قوانین اعتبرت اصولا لها،فهی تجری وفق السنن التی أودعها الله سبحانه فی هذا الکون،فالأشیاء بحدوثها و کونها معلولات لابد أن تسبقها علل،و قد تسالم الناس علی قاعدة عرفها الآباء و الأجداد منذ أقدم العصور،و هی أن الأمور تجری بأسبابها،و هذه الأسباب مرة یعرفها الناس،کما لو ألقینا حزمة الحطب فی النار،فبحکم الملازمة یکون الاحتراق،أو کما لو مسکنا المفتاح لنضعه فی القفل لنعمل به ارادتنا الجادة لفتحه،أو کما لو نزل المطر فکان الإنبات..
هذه الحوادث و الامور العادیة لابد أن تخضع الی القدرة الإلهیة و المشیئة الربانیة،و إن کانت ظاهرا الارادة الجادة صادرة فی بادیء الأمر من العبد،إلا أن وراءها ارادة أعلی و مشیئة أکبر،ألا و هی مشیئة الله سبحانه و تعالی،و القرآن الکریم یصرح بذلک فی آیات عدیدة منها قوله تعالی: و ما تشاؤون إلا أن یشاء الله رب العالمین 14و قوله تعالی: إنما أمره إذا أراد شیئا أن یقول له کن فیکون 15.
بین المعجزة و الحوادث الطبیعیة و المعجزة تختلف کل الاختلاف عن الحوادث العادیة،و بینها فوارق عدیدة منها: أولا:ان الأسباب المحتمة للمعجزة لا تخضع لقوانین الحیاة المحسة و وسائلها المادیة،لذا تقف عقول العلماء عندها وقفة تأمل و حیرة،ناهیک عن عوام الناس و السذج منهم،و المعجزات من هذا القبیل کثیرة کما ذکرها القرآن الکریم ضمن رسالات الأنبیاء(ع)کالذی حدث للنبی ابراهیم خلیل الله(ع)عندما ألقاه النمرود فی النار،و کالذی حدث للنبی موسی کلیم الله(ع)فی اثنتی عشرة معجزة جاء بها لنبی اسرائیل،منها العصا التی تلقف ما یأفکون،والید البیضاء، و قلق البحر،و اغراق فرعون،و نزول المن و السلوی،و تفجیر العیون.."