ملخص الجهاز:
ولكنّ السؤال يأتي عندما يكون السلوك العقلائيٌّ (الإنسانيّ العام) في قضيّةٍ ما له ظواهر متعدِّدة، وفيه قابليّة التطوُّر والتغيُّر، تَبَعاً للإمكانات والظروف التي تحيط بالإنسان الفرد أو الجماعة، وهنا نسأل: إنّ الشيء الذي أمضاه المشرِّع هل هو الشكل الزمني للسلوك العقلائيّ الذي كان معاصراً له أو الآليّة والبِنْية التي ترجمت نفسها ـ وفقاً للإمكانات المتاحة ـ بما ظهر في عصر النصّ، بحيث يمكن للآليّة نفسها أن تظهر بأشكالٍ متعدِّدة في أزمنة أخرى؛ نتيجة ظروف وإمكانات أخرى؟ سأذكر بعض الأمثلة الافتراضيّة؛ لتوضيح الفكرة أكثر: المثال الأوّل (المثال الخبري): أن يكون السلوك العملي الإنساني العقلائي المعاصر لزمن النصّ قائماً على الأخذ بالأخبار الحديثيّة المتصلة بشؤون الكون والعالم والطبيعة والطبّ والتكوينيات و...
الإجابة الثانية: وهي تتعامل مع الموضوع بطريقةٍ مختلفة؛ إذ ترى أنّ هذه المنطلقات العقلائيّة المرتكزة عند العقلاء واحدةٌ، وهي موجودةٌ في عصر النصّ، غاية الأمر أنّها ترجمت نفسها في عصر النصّ بطريقةٍ مختلفة بعض الشيء عن ترجمتها لنفسها في العصور اللاحقة، فعندما يُمضي الشارع ما عاصره فهو يُمضي تلك الذهنية التي عبَّرت عن نفسها في زمنه بتلك الطريقة، وحيث إنّه يهدف إلى حماية مصالح أحكامه فإذا كانت هذه الذهنية من طبيعتها أن تُشكِّل تناقضاً مع أحكامه في ظلّ ظروفٍ أخرى فإنّ من واجبه أن ينبِّه على ذلك، فمع علمه بأنّ الذهنيّة العقلائيّة هي المشكلة، وإنْ كانت ترجمتها المعاصرة له لا مشكلة فيها، فإنّ سكوته عن نتائج هذه الذهنيّة دليلٌ على أنّه قَبِل بها بوصفها منطلقاً لسلسلة من التطبيقات التي تتنوَّع تبعاً لتنوُّع الظروف.