ملخص الجهاز:
ففي عصر حضور النبي والأئمة لا معنى للحديث عن اجتهاد للوصول إلى الأحكام الشرعية، فالحاجة للرأي الشرعي يمكن تأمينها بسؤال الإمام بشكل مباشر، أو بسؤال الرواة الذين كانوا على اتصال مع الإمام في بعض المواسم العبادية، كالحجّ مثلاً، فيسألونهم عمّا طرأ عليهم من قضايا خلال العام، فأيّ معنى للاجتهاد في استنباط الحكم الشرعي بعد هذا؟ وقد تبنّى هذا الرأي مجموعة من الباحثين، منهم: تشارلز آدمز( )، الدكتور محمود شهابي(1410هـ)( )، السيد عبد الرزاق المقرَّم(1391هـ) الذي ذكر أنّ باب الاجتهاد عند الشيعة انفتح مع الشيخ ابن الجنيد الإسكافي في القرن الرابع الهجري( ).
2ـ مَنْ هو مؤسِّس علم أصول الفقه الإسلامي؟ بعد أن تبيَّن أن العلمية الاجتهادية كانت تُمارَس على المستوى الشيعي منذ زمن حضور المعصوم، وبمرأى ومسمع بل بتحفيز منه، كلّ هذا أعطى تصوّراً عن وجود أدوات اجتهادية تناسب تلك المرحلة من تاريخ الاجتهاد الشرعي، ليأتي هذا السؤال: مَنْ هو المبتكر لهذه الأداوت التي استعان بها المجتهدون الأوائل في اجتهاداتهم واستنباطاتهم؟ وبصياغةٍ أخرى: مَنْ هو مؤسِّس علم أصول الفقه؟ وقع جدلٌ وخلاف كبيران في الإجابة عن هذا السؤال بين المؤرِّخين لأصول الفقه الإسلامي، الأعمّ من السنّي والشيعي، ولم يكن الخلاف فقط شيعياً ـ سنّياً، إنما امتدّ إلى الداخل السنّي؛ فهل الشيعة هم المؤسِّسون لأصول الفقه؛ أم أن السنّة هم المؤسِّسون له؟ يمكننا للإجابة عن هذا السؤال استعراض المشهد من خلال الآراء التالية: الرأي الأوّل: ورائده السيد حسن الصدر الكاظمي(1354هـ)، الذي ذهب إلى أن الإمام محمد بن عليّ الباقر’(114هـ) هو مؤسِّس علم أصول الفقه، ومن بعده ابنه الإمام جعفر الصادق×(148هـ).