ملخص الجهاز:
"لذلک نری بعد وعینا واستقرائنا للنصوص السابقة ، ومن خلال هذا الفعل الانتمائی التجسیدی ـ إذا صح التعبیر الذی یعبر فی العمق عن فعل إیمانی ، أقول : نری الامام الصادق(علیه السلام) یحدد القیمة الحقیقیة لحالة الانتماء ، عبر توفیر أطرها ومکوناتها الواقعیة التی تهدف إلی بناء الکتلة الاسلامیة الشیعیة المؤمنة والملتزمة بنهج أهل البیت فی خط الولاء للاسلام ، من خلال عمق الانفتاح الواعی علی الله فی کل المعطیات العملیة القادرة علی استیعاب کل المواقع والمساحات المتحرکة فی الحیاة الفکریة والروحیة للانسان .
یبرز الامام الصادق فی هذا الحدیث الفرق الجوهری فی طبیعة الانتماء والولاء لاهل البیت ، بین الصیغة النظریة الفکریة القائمة علی جملة أفکار ومفاهیم تجریدیة ، وبین الصیغة العملیة المعبرة عن ممارسة عملیة تتجسد فیها کل المضامین والالتزامات الرسالیة لنهج الائمة(علیهم السلام) الذی هو فی عمقه وخطوطه الخاصة والعامة ، تأصیل واقعی للنهج الاسلامی .
إن الطهر والعفاف والنقاء الاخلاقی شرط لازم لبناء إنسان الله ، ولیس شرطا کافیا فی هذا النسق لسبب بسیط ، وهو أن المرء الطیب بنیته الصافیة وسلوکه الروحی المتوازن قد لا یکون عالما بأحوال مجتمعه ودوائر واقعه المعرفیة والثقافیة ، بمعنی أنه قد یکون خارج إطار زمانه الحقیقی ، ولا یهتم إلا بشؤون وقضایا القرن الثالث أو الرابع الهجری ، أی أنه یعیش ذهنیة إنسان القرون الماضیة ، ولا یحیا ذهنیة وتفکیر ووعی الانسان المعاصر ، فهل نستطیع علی ضوء ذلک أن نقول : إن هذا الشخص بالرغم من أن العلم یقطر ـ کما یقال ـ من قمة رأسه حتی أخمص قدمیه مؤهل لان یکون إنسانا إلهیا بکل معنی الکلمة ؟ من هنا أقول : إن الانسان الالهی النموذج الذی یرید الاسلام بناءه فی الواقع النفسی والسلوکی ، هو إنسان قیم الله (الواقع) ."