ملخص الجهاز:
"لکن علی العلماء أن لا یکتفوا بالشجب والاستنکار وبالخطاب الوعظی والنداءات التی لا یسمعها أحد؛ وإنما علیهم أن یهتموا بدراسة وتحلیل الأسباب التی أوصلتنا إلی هذا الدرک الأسفل وتحدید المنهج العلمی الذی من شأنه تخفیف الخلاف وخلق نوع من التقریب ولو فی الظاهر لتهدأ النفوس وتسکن الأمزجة ونعود إلی حالة من الهدنة تسمح بقلیل من الحوار الجاد نستذکر بواسطته أن الله تبارک وتعالی تعبدنا بطاعته فی أنفسنا وأهلنا وامتنا وجعلنا خیر أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهی عن المنکر وتؤمن بالله، وحرم علینا قتل النفس التی حرم الله إلآ بالحق.
وقد قام إخواننا فی المملکة الأردنیة الهاشمیة بالسیر علی هذا المنهج مشکورین فسعوا إلی تحریر رسالة عمان فی احترام المذاهب الإسلامیة، کما سعوا إلی تحقیق إجماع علماء المسلمین علی مبادئ تلک الرسالة، وبدأوا یعرضونها علی القادة وأصحاب القرار للمصادقة علیها فی مؤتمرات القمة والمؤتمرات الوزاریة ومما تضمنته تلک الرسالة: 1ـ إن کل من یتبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة: (الحنفی والمالکی والشافعی الحنبلی) والمذهب الجعفری والمذهب الزیدی والمذهب الإباضی والمذهب الظاهری فهو مسلم، ولا یجوز تکفیره ویحرم دمه وعرضه وماله.
وبعد هذا المستوی التمهیدی من الحوار، یتسع مجال الحوار بین السنة والشیعة فیما یجمع أو یفرق بینهم فی الأصول والفروع، أی فی العقائد والأدلة الشرعیة المعتمدة والأحکام، وهذا موضوع شائک وصعب لا یسمح بالوغول والتعمق فیه، وأقصی ما یمکن تحقیقه فی الظروف الحالیة هو أن یؤدی الحوار فی هذه المسائل الشائکة إلی تجلیة الصورة عند کل طرف عن الطرف الآخر، وتوضیح الأسباب والأدلة والحجج التی یتعلق بها کل طرف فی کل مسألة، وهذا وإن کان فی حد ذاته غرضا شریفا ومکسبا عظیما فإنه لا یعدو أن یکون بدوره تمهیدا لما بعده وتوطئة لحوار حقیقی یغوص فی عمق مسائل الخلاف."