ملخص الجهاز:
"و قبل الکلام عن تألیف المجلس الدستوری و اختصاصاته،یتعین القول إن إنشاء هذا المجلس و تحدید مهمته-«مراقبة دستوریة القوانین و سائر النصوص التی لها قوة القانون و البت فی النزاعات و الطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسیة و النیابیة» (الفقرة الأولی من المادة الأولی)-فی بلد کلبنان لم یعرف أبدا مراقبة دستوریة (1)جاء فی المذکرة التفسیریة للدستور الکویتی فیما یتعلق بإسناد مهمة المراقبة إلی محکمة خاصة ما یلی:«آثر الدستور أن یعهد بمراقبة دستوریة القوانین(و اللوائح)إلی محکمة خاصة یراعی فی تشکیلها و إجراءاتها طبیعة هذه المهمة الکبیرة بدلا من أن یترک ذلک لاجتهاد کل محکمة علی حدة مما قد تتعارض معه الآراء فی تفسیر النصوص الدستوریة أو یعرض القوانین أو اللوائح للشجب دون دراسة لمختلف و جهات النظر و الاعتبارات».
و لکن الملمح الجدید الأبرز یکون واضحا فی موضوع مراقبة دستوریة القوانین حیث یظهر المجلس الدستوری کأنه لازمة ضروریة لتدعیم النظام القانونی القائم فی الدستور اللبنانی فیما یتعلق بمدی مطابقة النصوص القانونیة لأحکام الدستور،مع ما یترتب علی ذلک من تنسیق عمل السلطة العامة بمجملها و حمایة الحقوق الفردیة و الحریات العامة و تأمین استقرار العلاقة بین الدولة و المجتمع.
و حسنا فعل المشرع اللبنانی بأن ترک لأعضاء المجلس أنفسهم اختیار رئیس من بینهم،فهو الأقدر فی هذا الخصوص،إلا أن نص المادة 6 المذکورة لا یحدد حالة«تعذر الانتخاب»و اعتبار أکبر الأعضاء سنا منتخبا فی حال تعادل الأصوات،أهو حاصل بعد إجراء دورة أولی للانتخابات أم دورة ثانیة أم دورة ثالثة؟!و نشیر هنا انه خلافا لقانون الانتخابات النیابیة الذی یحدد المذهب الدینی لکل نائب و یوزع النواب الـ 128 مناصفة بین المسیحین و المسلمین، فإن قانون إنشاء المجلس الدستوری لا ینص علی طائفة أعضاء المجلس الدستوری أو طائفة رئیسه،و من هذه الناحیة یعکس هذا القانون«شیئا من التقدمیة و الخروج عن الطائفیة إذا ما اعتقدنا بأهمیة المجلس و رفعته و الموقع السیاسی الممیز الذی یحتله فی موازنة النظام»1."