ملخص الجهاز:
"ویستدعی ذلک إنعاش الحوار الحضاری وتنمیة تواصله مواجهة الإشکالیات والمشکلات الذاتیة من خلال تعاظم إرادات الخلاص من ضغوط الاستعمار والهیمنة وصون الذات ومصالحها بالانتقال من مجرد الاستهلاک إلی الإسهام فی إنتاج العولمة نفسها دخولا فی امتلاک السلطة التی جاوزت السلاح التقلیدی بأنواعه وتطوراته إلی سلطة المعرفة والتقنیة، اتصالات ومعلوماتیة واقتصادا عبر الشرکات المتعددة الجنسیات العابرة للقارات والدول، ویؤشر ذلک إلی حوار الدول من موقع القوة والمصلحة المتبادلة عندما تنمی سلطتها المعرفیة والإنتاجیة، وتدخل فی مجتمع المعرفة والثقافة الرقمیة الذی ینطلق من زهاء التکتلات الاقتصادیة السیاسیة العربیة الإسلامیة؛ لتصیر قوة حقیقیة من الداخل، و«مع هکذا قوة لا یمکن للغرب أن یقف موقف المتفرج إزاء ما یحدث فی قلب العالم العربی الإسلامی (فلسطین)، بینما یسارع لإنقاذ المسلمین فی أطراف العالم الإسلامی (کوسوفو) حین تتطلب مصالحه ذلک»( 119 ).
وانتقدت أطروحات هنتنغتون فی صراع الحضارات فی الغرب والشرق علی حد سواء؛ إذ لا یعنی الاختلاف بین الإسلام وحضارته والغرب وحضارته سببا رئیسا للصراع واستمراریته؛ لأن حوار الثقافات والأدیان فی الإسلام یعضد عالمیة الثقافة واحترام الآخر، وأظهر الغرب منذ زمن طویل، لدی الکثیرین، إمکانیة الحوار بین الإسلام والغرب، وتعالت هذه الإمکانیة فی انتعاش المثاقفة المعکوسة علی نحو مبکر فی القرن الثامن عشر حتی الیوم، حین اعترف بتأثیر الثقافة العربیة الإسلامیة علی الثقافة الغربیة، کما تبدی ذلک فی دراسات الاستشراق التی انتظمت فیما بعد فی نجاعة الأدب المقارن الذی یقدر مکانة الثقافات الأخری وخصوصیاتها، وأبدی نقاد نظرة هنتنغتون النتائج التالیة: 1- إن هنتنغتون لا یؤمن بالتعددیة الثقافیة ولا بالهویات المستقلة عن الهویة الثقافیة الغربیة، ویعتبر الثقافة الإسلامیة علی وجه التحدید منافسة ومعادیة للثقافة الغربیة."