ملخص الجهاز:
"و تعددت المصطلحات و المعاییر التی وضعها الفلاسفة و الحکماء و بماء جاء به الرسل و الأنبیاء فی علاقة الإنسان بذلک الوجود و خاصة بأحد جوانبه هو ذلک التواصل بهدی تلک النفس و الابتعاد عن الملذات و الموبقات من جانب مراقبتها و المجاهدة کی لا یکون هناک ما یعیق تلک النفس من الانحراف و الإبقاء فی إطار السلوک الذی رسمه الخطاب الإلهی عبر الأنبیاء و الرسل و وضع تلک الدرجات بین للإنسان للعبادات و المجاهدات و مکانة المعرفة بینهما و التی یجانبها الإشراق و الفیض لأغوار ذلک العقل وفق تقسیماته و درجاته التی وضعها الفلاسفة و المفکرین مهما کان درجة تناولهم للعقل و النقل،و کذلک لنفس و التی هی الأخری محط أسئلة کثیرة تروم ذاکرة أولئک الفلاسفة،و ابن سینا یری أن النفس هی الإنسان علی حقیقته،و النفس مسکونة بالجسد(إن البدن سجن النفس فهو أصل شقائها علی هذه الأرض و أصل نقائصها و شرورها،و لذلک فلن یقر لها قرار حتی تتخلص منه و تعود إلی مصدرها الأول، و لکن لن تصل إلی هذه الغایة دفعة واحدة، فلا بد أن تتحرر من قیود الجسم و الحس بالمجاهدة و التصفیة و الدأب علی حیاة الوجدان و الروح،و ما یزال صاحبها یتدرج فی مقامات السلوک حتی یبلغ فیها مبلغا کبیرا یغیب فیه عن نفسه،و ینخلع عن شعوره بذاته و یصاب بما یشبه الصعق و المحق،فیفقد تعیینه و تشخصه و تسقط عنه جمیع الأغیار و یفنی الکل فی الکل،و تنطمس معالم الأشیاء، و تنمحی صورها و حدودها،غیر أن هذا المحو یعقبه صحو و الفناء یعقبه بقاء،و لکنه بقاء فی الله و صحو فی هویته المطلقة)1."