ملخص الجهاز:
"لم تدم الاستفادة من القانون الذی أصدره السلطان عبد العزیز عام 1865 طویلا و انتهت فترة الحریات الصحفیة هذه مع خلفه(حیث وجد مقتولا فی غرفته)عام 1876 و خلفه السلطان عبد الحمید الذی قبل حریة الصحافة فی السنة الأولی من حکمه ثم انقض علیها و قد خنقها قبل أن تتشافی دمشق خاصة من خلال نقل الوالی الإصلاحی مدحت باشا إلی مکان آخر بعد أن استطاع(هذا المصلح الکبیر فتح الأعین علی أشیاء کثیرة لم تکن فی الحسبان،و عرف من أین ینطلق،لقد کان نصیرا للصحیفة و المدرسة و المکتبة و الجمعیة،و رکز جل اهتمامه علی هذه المستویات،لأنه وجد فیها السبیل الوحید لتطویر ذهنیة الإنسان الشرقی و إیقاظه من سباته الطویل و لم تمض سنوات علی ولایة هذا الرجل الکبیر،حتی تبلورت المفاهیم و تحددت الأهداف فی بلاد الشام)20.
إذا نتیجة قوانین و ممارستات نظام السلطان عبد الحمید و تشدید الرقابة و تعطیل الصحف تأخرت الصحافة فی بلاد الشام و فی دمشق خاصة فقد(أحصیت أنفاس الصحفیین و بات الواحد منهم یفکر و یفکر طویلا قبل أن یخط قلمه عبارة واحدة، و کانت داهیة الدواهی تعطیل الصحیفة إداریا و بأمر شفهی و اقتیاد صاحبها عند الشبهة إلی المجاهل و الأقبیة دون محاکمة، أما المواد فمعظمها مفروض من قبل الرقابة، و الصحیفة ملزمة بنشر کل ما تطلبه السلطة من نصوص و إعلانات،أما الأخبار الخارجیة فهی خاضعة للغربلة،و لا ینشر من ذلک الثبت الطویل من البرقیات التی کانت تأخذ عنوان (التغرافات)إلا ما تجود به سماحة الرقیب، و یکون الإشراف أشد ما یکون علی الافتتاحیة التی کان فیها للباب العالی و السلطة المحلیة النصیب الأوفر،أما الأدبیات أو الموضوعات الاجتماعیة فکان یجب أن تنسجم مع الذوق العام و تتوافق مع سیاسیة الدولة.."