ملخص الجهاز:
"و لغة الإعلام مولعة باختیار الصفات إیجابا و سلبا لبعض الموصوفات سعیا إلی ترسیخ اعتقاد هذه الصفات فی أذهان سواد الناس لاحظ مثلا عبارات مثل: «الشعب النبیل»و«الأرض الطاهرة» و«الهجوم الشرس»و«العهد البائد» و«الطبقات الکادحة»و«التحکم البغیض»و«المظاهرات الصاخبة» و«الشهداء الأبرار»و«الحروب الطاحنة»و«الجنود الأبطال»و هلم جرا فإذا لصقت هذه الصفات بموصوفاتها فی لغة سواد الشعب کان لها من القیمة الطقناعیة ما یکون عند المشاهدة لأنها إذا فاتها أن تدرک بالعین فقد حلت الأذن محل العین سماعا و حل محلها اللسان نطقا و ما ظنک بجارحتین تتضافران علی أداء ما تقوم به جارحة واحدة؟ و من هذا القبیل أیضا ما نلمحه فی لغة الإعلام من الإحالة إلی أمور غیر مسلمة أو إلی وقائع ذات صلة ضعیفة بالموقف الحاضر فمن الإحالة إلی غیر المسلمات أن یقول القائل ردا علی سؤال اتجه إلیه فی مؤتمر صحفی:«إن موقفنا واضح من هذه القضیة»و یکتفی بهذه العبارة عن شرح الموقف أو یحیل السائل إلی بیان نثر أو أذیع فی ظرف سابق و من الإحالة إلی وقائع ضعیفة الصلة بالموقف الحاضر أن یجری قیاما بین موقفه السلبی الحاضر و موقف إیجابی سابق من قضیة أخری محتمیا بالإیجاب السابق من مغبة السلب الحاضر.
وکذلک تعمد لغة الإعلام أحیانا إلی المغالطة کالذی تفعله إسرائیل إذ تنکل بالشعب الفلسطینی فی الأرض المحتلة بدعوی الحفاظ علی الأمن فإذا سمع الناس أو قرأوا أن إسرائیل تسعی إلی حفظ الأمن لم یساءلوا عن الأمن لمن یکون؟ أهو أمن الغاصب المعتدی أم أمن المقهور المعتدی علیه و إذا لم یکن هناک فحص للدعاوی علی هذا النحو فلابد أن یصدق الناس الإعلام الإسرائیلی و مثل ذلک ما نراه من أن إسرائیل تسمی الضفة الغربیة للأردن«یهودا و السامرة»، و ما تدعیه بتلفیق الحجج من أن طابا تدخل فی حدود إقلیم النقب و لعل أکبر أکذوبة إسرائیلیة هی دعوی أن إسرائیل دولة دیموقراطیة و هی دعوی للتغطیة علی حقیقة أنها دولة عنصریة."